عرض مشاركة واحدة
  #1 (permalink)  
قديم 26-04-2011, 00:34
درواس درواس غير متصل
.
 
بداياتي : Apr 2008
المشاركات: 25
تقييم المستوى: 0
درواس is an unknown quantity at this point
افتراضي ذبابة ارتقت فصارت نحلة (1)


هذا الصباح غريب بعض الشيئ , تجتاجني المرارة من أعلاي الى أخمص أصابعي النحيلة الموشاة ببقايا الطين والوحل, حاولت أن أتصنع الوقار فلم استطع أشعر بنزيف حاد في قلبي يكاد يقضي علي فلا يفعل , كلمات الوداع التي لوحتُ بها في وجه ذلك الجمال الآسر تصيبني بحرقة في صدري سرعان ما تتحول الى قرحة في معدتي , ماهذه المشاعر المختلطة والغريبة ؟!

اتصلت بك معلنا نهاية الحفلة القصيرة , رجوتني الا أفعل , كنت مصمما على الرحيل , لا أنسى حين صحت قائلا : (لم تبدأ السهرة حتى تنهيها بهذه الطريقة الحانقة والعدائية , لماذا أنت متطرف حتى في مشاعرك ؟! ) قلت لك وقتها : آسف , لا أستطيع المكوث أكثر من ذلك , صدمة العشق والوجد هزت كياني في البدء أنستني من أنا , وماذا أريد , رمتني كتائه في صحراء موحشة , كطفل ضاعت لعبته الوحيدة فلم يعثر عليها؟! الان أحاول استعيد سيطرتي على مشاعري المضطربة , وآمل أن تسمح لي في الرحيل .

حين نظرتِ اليّ والدموع تغمر عينيك , وشطر كبير من كآبة البائسين ترتسم في وجنتيك الحمراوين قلت بصوت خافت لا أزال أتذكره كأنه حدث قبل لحظات ( كيف تتركني كطفل وحيد فقد والديه في حادث مروري ولم يصب بسوء ؟! الا تخشى علي غوائل الزمن ومرارات الحب , لماذا لم تخبرني بنيّتك الوقحة قبل أن أحبك , أتعلق فيك , أراك , أسمع صوتك , لماذا , لماذا ؟!)) .

تفهمت لحظتها كل أسئلتك المشروعة وغير المشروعة ولكني أوضحت بأنني جئت مخلّصا ً لقضيتك مع الجامعة , استعنتِ بي فلم أشأ أن أدير ظهري لك ِ وأنا الذي ارتبك حينما أتحدث مع امرأة في الشارع !! الآن لم يعد لك حاجة الى ذلك , ستعودين نهاية الاسبوع الحالي , وتنتهي المشكلة .
قلت ِ (ولكني أحببتك , وعشقتك , لا أتصور أنك ستغيب بلا عودة , حتى العمال المقيمون يسافرون ب(خروج نهائي) ويعودون بطرق أخرى , عد الي مثلهم إن عز الرحيل !) هل تذكرين ذلك . يا سيدتي : أنا لا أستطيع أن أنتهك القيم التي أدرّسها , أعجز عن اختراق المبادئ التي أسقيها لابنائي في المنزل والمدرسة , إعتبريني غيمة هطلت ثم رحلت أو نفذ ماؤها , قولي كان نجمة ظهرت في سديم الهزيع الاخير من الليل فرحلت ورحل معها الليل , إعتبريني ككأس من الزجاج غير الفاخر سقط وتشظى ولم يحفل به أحد .
كلماتكِ في رسالتك التي أرسلتيها عبر الجوال كانت صادمة , هل تحفظين شيئا منها , بالنسبة لي سأذكرك ش بها حرفا ً حرفا ً قلت ِ (لن أنساك ولو رحل الليل والنجوم , وكل البشر , لن أنساك ولو بعد مائة عام , قرن من الزمان غير كفيل بأن يمحو آثارك وخربشاتك وأثيرك الهادئ ونظراتك الحائرة , ووجناتك الغائرة , لكن أنت مغرور !! , تعتقد أنني سأنتحر عشقا فيك , لا تظن ذلك فقد كنت واهيا , ولا تعتقد إن كنت جازما , ستبقى معلقا في الذاكرة ولكن كحدث سيء في حياتي , سأمحو آثار عواصفك على بيدائي الجافة , سأغلفها بكل أشكال النسرين فلا تعد تعرفها حين يقودك الحنين يوما اليّ , ستتوه وتموت في هذه الصحراء الموحشة, لأنك قاس مثلها ’ لن ترحمك كما فعلت بي , ستهلك لأنك قضيت علي ) لابد أنك تذكرت ِ ذلك .
أنا أصنع خيرا بكِ , وأنت تشرحيني على طاولتك العاطفية , هل كنت ِ ستفرحين حين ألج الى عالمك الغامض , ثم تسكرين في الغواية , بعد أن اقتحم أنوثتك الفاتنة , وأفض كل حواجز الستر المتلفعة بها ؟!! هل كنت ِ ستسعدين حينما أحضنك وأنا القادم من تاريخ الجفاف القاتل , يا ترى هل كنت ِ ستقبّليني وأنا أرجم آخر حصونك المنيعة بكرات اللهب اللزجة , هل كنت ِ ستشكرينني وأنا أحررك من أغلال الحياء وأقظم جسدك الغض بأسناني المدببة؟! لا أعتقد أنك ستشعرين بكل هذا , بل ستنتقمين مني في صحوك ومنامك , ستمزقين كل الصور الجميلة التي رسمتها أنامل العشق على محيط قلبك الدافئ! سترجمييني كفلاح فقد محصوله بسبب الطيور المهاجرة التي قضت على ثماره فقذفها بمقلاع ٍ لم يصبها , ولا عادت ثماره , كل ذلك سيحدث عندما تعيدين توازنك!.
((أنت شرير تتلاعب بالنساء ثم تتركهن يواجهن مصيرهن المحتوم !)) . كانت هذه تهمتك الجاهزة وآخر أوراقك الرابحة لتلقين بها في وجهي المتعب , أنا شرير بالفعل لو أكملت بقية الحفلة , أنا أتنزه عن الولوج في عالم الفاتنات , أنظر اليهن بشغف ,اشفق عليهن من الذباب المتقاطر عليهن , لو آمنت بنظرية النشوء والارتقاء لصاحبها (دارو ِن) لقلت إني ذبابة فتطورت الى نحلة كانت تتسبب في الامراض فأضحت سببا في الشفاء منها , وستقولين (أنت بالفعل نحلة بغيضة , لم نذق عسلها , ولم نسلم من لسعها ! ) لكني الحقيقة المرّة , وأنت تريدين الزيف المغلف بالسكر , أنا الجبل الشامخ وتريديني أن أكون رمالا متحركة ! , لا تعتقدي أو تحاولي أن توهميني بأنك تحبينني أكثر , هذا أيضا من الزيف الذي تحاولين تمريره لتنجحي في كسب الجولة , الذي لا تعرفينه مطلقا ً أنني أحببتك منذ أول يوم استمعت فيه الى صوتك , كنت تتحدثين بطلاقة عن مشكلتك دون حرج أو تلعثم , وكانت زفراتي تلهث وقلبي يخفق , لا أعلم يا حبيبتي حتى هذه اللحظة هل كانت هذه الاعراض بسبب الحب أو بسبب الاستماع لحديث امرأة لمجرد الاستماع فقط ! , ألم أقل إني قادم أجرّ خلفي صحراء من الحرمان عطشى لقطرات من كلام الحب والعشق ؟!, لم تكن لترويها كلماتك القليلة , لكني ارتويت , تصوّري ! ارتويت وفاضت ابطحي ! لم أعد أحفل بعدها – ياحبيبتي – بسيرة الحب كما تقول أم كلثوم , أرأيت ِ؟! حتى أنا أصبت بالعدوى , بدأت أزور الحقائق , أم كلثوم لم تقل , هي غنّت فقط ,الذي قال هو : مرسي جميل عزيز , أتريدين أن أكتب مطلعها ؟ لا بأس , (طول عمرى باخاف من الحب ... وسيرة الحب... وظلم الحب لكل أصحابه واعرف حكايات مليانه آهات ودموع وأنين والعاشقين دابوا ما تابوا)) بالفعل كنا نخاف من الحب وسيرته وظلمه , لكننا تبنا قبل أن نذوب كقطعة سكر ! حبيبتي : الذي لا تعلمين عنه أن الحب كان من طرف واحد , مني اليك , وهذا ما يسمونه في القوانين الرياضية (سالب) لم تشعرين بأي بوادر حب من طرفكِ , أليس كذلك؟! لا تجيبي , أنا سأجيب , عندما استرسلنا في الكلام بدأ يأخذ الحوار منحى جانبيا ً , كنت أشم من كلماتك أنك سلكت درب الحب , عندها أدركت أن السالب قد التقى بغريمه اللدود (الموجب) فحدثت (الشرارة) التي كنت أخشاها ! الحب من طرفين لا يدوم هكذا كتب التاريخ , أم أنك لا تؤمنين بالتاريخ والجغرافيا ؟ لا يهم ! هل رسوبك في مادة التاريخ بالمرحلة الإعدادية يجعلك تكرهين مجرد ذكر الأرقام ؟ لا أعتقد ولا أظن ولا أشك . قيمة التاريخ في الاحداث التي تقع فيه , وليس في تجسيده للارقام , والا لما مثّل يوم 20 أيلول سنة 622م أبّان هجرة الرسول من مكة للمدينة حدثاً تاريخيا ً يستحق التدوين وانطلاقة التقويم الهجري منذ تلك اللحظة , لا أرغب في إعطائك حصة في مادة التاريخ , هناك في الفصول الدارسية المغلقة كسجون غوانتناموا يدرّسون كل شيء ولا يبقى منها شيء , لا في الادمغة ولا في السلوك ,ألم أقل لك َ يا حبيبتي أن كل شيء في هذا الزمن يذهب ولا يعود , رسوبك في مادة (التاريخ) ليس مشكلة , حتى أنا كنت فاشلا ً في (الجغرافيا ) المدرسية ولا زلت , يوما ما ليس من أيام السنة كما يقول الفيلسوف الامريكي , طلب مني المدرس تحديد قارتين من قارات العالم , هل تريدين إجابتي الطريفة حتى تسخرين مني , قلت (أمريكيا وأفريقا) !! هل مطلوب من طالب الصف الخامس الابتدائي أن يعرف قارات العالم ويتعرف على عواصم معظم الدول , فضلا عن قراءتها بشكل سليم , الجغرافيا الوحيدة التي أتقنها , وأعلم أسرارها هي جغرافيا جسدك !! من القطب المتجمد الأعلى ! مرورا بالهضاب والخنادق وصولا للأقدام التي تسير كل يوم بلا هوية, تذكّرني أقدامك هذه بأمريكا (بعد التعديل) التي تطوّح بنفسها كل يوم في بقعة جغرافية استراتيجية , الفرق بينكما في الهدف , كيف تريدين لرجل مثلي يحبو بتثاقل نحو الأربعين ولم يسافر الى أي دولة أن يحيط بكل دول العالم التي تتجاوز 200 دولة , لا أعلم إن كنت بهذه المعلومات أعوض ضعفي السابق في الجغرافيا لكنني أعتقد بأن تدريس هذا الكم الهائل من المعلومات لا يضر ولا ينفع , فالذي سيسافر خارج محيطه سيكتشف هذه الدول بنفسه ومن لم يستطع فلا حاجة له بمعلومات خالية من قيمتها , أعلم أني خرجت عن صلب القضية الأساسية وما تفرع منها , بالفعل معظم جراحات المكلومين والمحرومين من الحب لأنه كان من طرف واحد , أنا عكسهم تماما (ذا أوبزت ) لا أسعد بأي بوادر للتقارب , أخشى الفراق , الم تقرأي قصة المرأة البرمكية حين دخلت على " هارون الرشيد " وعنده جماعة من اصحابه وقتها لم يكن يتقاتلوا على حرمة الاختلاط او تحليله , فقالتيا أمير المؤمنين : أقر الله عينك .. وفرحك بما اتاك .. وأتم سعدك لقدحكمت فقسطت. فقال لها من تكونين ايتها المرأةفقالت : من آلبرمك , ممن قتلت رجالهم , وأخذت أموالهم , وسلبت نوالهم.فقال : اماالرجال فقد مضى فيهم امر الله .. ونفذ فيهم قدره .. وأما المال فمردود إليك ..ثم التفت الى الحاضرين من اصحابه فقال لهم :أتدرون ما قالت هذهالمرأة .. فقالوا : ما نراها قالت الا خيرا ... قال : ما اظنكم فهمتم ذلك ...اما قولها ( أقر الله عينك ) أي ( أسكنها عن الحركة ) .. وإذا سكنتالعين عن الحركة عميتوأما قولها : ( وفرحك بما آتاك ) .. فاخذته من قولهتعالى)حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة (وأما قولها : وأتم الله سعدك فاخذته من قول الشاعر :
إذا تم أمر بدا نقصه = ترقب زوالاإذا قيل تم
أما قولها حكمت فقسطت فأخذته من قوله تعالى وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا ) .ليتكِ كنت في ذكاء المرأة البرمكية وكنت في فهم الخليفة , لا أريد أن أترقب نقص السعادة والفرح , (بيدي لا بيد عمرو ) هل فهمت هذه الفلسفة الغريبة والعجيبة ؟! أظنك ِ فهمت لكن لا أعتقد أنك ستصدقينها !
____________________________________

هذا جزاء امرئ أقرانه درجوا
من قبله فتمنى فسحة الاجل !
رد مع اقتباس