الموضوع: سَـلام.
عرض مشاركة واحدة
  #1 (permalink)  
قديم 17-01-2015, 15:41
الصورة الرمزية هديل .
هديل . هديل . غير متصل
.
 
بداياتي : Oct 2008
المشاركات: 3,847
تقييم المستوى: 19
هديل . will become famous soon enough
افتراضي سَـلام.




قالوا لنا أنّ يدَ الله على أيدينا، وتركونا في إيمان الفكرة -على استحياء- نتخيّل أمان أن تكون يدَ الله على قلوبنا.
وقالوا أنّ اسم الكائن الذي ننتمي لفصيلته هو تلميح الله لنا عن كوننا ننسى،
لكِنّا حين أخذنا هذا النبأ لنودعه ذاكرتنا لم نجد له مكانًا فيها.
لا شيء في القادم..
كبُرنا، مع وعودهم بأن ننسى، ومضينا في سَلام الوعد تصحبنا أسماء الذين مشوا في غيابهم ينتعلون قلوبنا و بكارة الأماكن التي مررنا بها معًا
نعود لها لا نشعر في مرّة أنّ وعدهم الحقّ .
للأشياء التي حفرت فينا عميقًا، نعود.
لأوّل الشوارع التي عرَفت حقًا سَلام الله، حين كنا نجري في قذارتها حفاةً من قلق أمهّاتنا وأحذية المحلات نسبق استدارة الشمس التي تتجاهل طيشنا وتمشي بثباتها
نحو الغروب الذي تخيّلنا نحن أبناء السواحل أنّه مكانٌ بعيد في البحر.
لأوّل العمر، حين كان كلّ الذين في عمر والدنا.. والدنا، و جدّي أنا، جدّي أنا فقط "أقوى واحد في العالم".
لأوّل الطيش، تمسح أمّنا الخدوش في ركبنا بمطهّر بينما تشملنا ببعض الشتائم والحسرة على أننا لم نكن كأبناء أم فلان المهذّبين خلفاء الأنبياء في عينها التي
لم تنتبه لتسارع العمر الذي نتبطأهُ كلّما كبرنا.
لأوّل الخوف، في يدنا أشياء لا يحبّذها أبونا لأن الناس ستأكل وجهه، كسببٍ أوّل و أهّم يأتي بعده القلق من مدى الضرر الذي سيلحق بنا أو احتمالات اصابتنا بالسرطان.
لأوّل الحزن، تتعلّم لباقي حياتك أن الأحمر ليس لون الأفراح، تعلّمك الكراسي الحمراء التي تستريح على سجادٍ أحمَر في عزاء الرجل الذي كان بطلك الخاص،
تتذكر كيف لم يخطر على بالك أبدًا أنّه معرّض لهذا التقادم البشريّ الذي يطال الجميع من حولك.

وتبكي، لأوّل الفجيعة تخلَع قلبك مع أنّ الوادي ليس بقداسة طوَى و لا الله طلب أن تخلع قلبك.
تبكي كما جرَت العادة في مصائب الذين قبلك، لا تشعر بكفاية الفزع على خطبِك فتبكي لأنّك لا تشعر بالكفاية.
تستمرّ في البكاء بعجز الذين انتبه متأخّرًا لوصول الجلل، ولم يجهّز لحزنه انفعالاً يليق به.
وحين تتوقّف عن البكاء تظنّ أن هذا هوَ النسيان.
والحياة التي وظيفتها تذكيرك بجدوَاك تتكفّل باعلامك أن ظنّك لم يكُن في محلّه، لحظة تمدّك باللازم من الحَنين.
وجدوَاك التي تبحث عنها لم تعرف بعد أن اسمها: السَلام.


السلامُ عليكَ ، نسينا أن نُحيّيك بخشوعٍ تتأثّر به الملائكة فتُنزله إليك.
السلامُ عليكَ، بأسفِ المنهوب حتّى آخرَ قلبٍ في حوزته لا يذكر من سَلامه إلاّ لحظة أمسَكت أمّه بيده في ذهابها الأخير.
السلامُ عليكْ. نسينا أنك كبرت.. سامحنا.. ليسَ هذا ماكنّا نعدك به، إغفر لنا هذا التعب الذي يموج في إيمانك و امشِ ببسالة الذي
يلتهم قلبه حين يجوع.
السلام عليكْ.. نسيتنا؟ لقد قلنا لك أن اسمنا كذا.. كنّا معك حين بكيت لأنّك لم تكن تملك غير غزارة الملح، تعرفنا؟ نحن الذين تركناك في
وعد نسيانك بعدما ظللت طويلاً تجهل كيفية المشي فيه.
السلام علينا،
ماتَ آدم قبل أن يرفعنا للجنّة حيث عاد، بعدما تركنا نتوقُ ليدِ الله التي على أيدينا لو يضعها على قلوبنا.
السلامُ علينا.. لن يُفلح التّفاح بعد تيك المرّة.
لن تُفلح هذهِ الوعود.

____________________________________




"أجيب لك قلب ثاني منين؟"

رد مع اقتباس