قشّاش إنها ناصية الوقت , من بعد صلاة العصر . تدفقت الدماء الطازجة في عروقي النحيلة , وانتشى قوامي الصغير بعد انقضاء ذلك اليوم الدراسيّ الأخير , الذي يؤذن بولوج عطلة نهاية الأسبوع . التقفت حذائي الرياضي ومشيت بمحاذات أخي الكبير الذي كان يفوقني مهارة في اللعب بالكرة , ولكنه كان سندي العتيد , لإفساح الطريق لي للعب مع ( عيال الحارة ) في البرحة التي يحلو لنا أن نسميها أيضاً : استاد الملك ! كانت البرحة أرضاً واسعة بالقرب من بيتنا , قُدر لها أن تكون موقعاً لمشروع مدرسة ثانوية , ولكن الأمد طال عليها كما يطول على أشياء كثيرة !! هناك يجتمع صبيان الحارة , وهم خليطٌ من الأعمار المتفاوتة , فكان هنالك الكبار , الذين يفوقوننا خبرة ومهارة في اللعب والذي كان أخي الكبير من ضمنهم , وهناك المتوسطي العمر الذين يبدعون في اللعب أيضاً , أما أنا فكنت من فوج الصغار الذين قل ما يظفروا باللعب مع البقية , وكان ذلك في حال عدم وجود مباراة مع فريق آخر من حارة أخرى . كان الكبار يقتسمون الغلة المكونة من اللاعبين المتواجدين , كان هناك طلال أبو جلمبو , وجارالله القحطاني , وأبو كلاوي , ونواف الحارثي , كانوا غالبا ماينتخبون اثنين منهم ليكونوا فريقين للعب , كان اللاعبون يتناسلون واحداً تلو الآخر من كومة الصبيان , وأظل أنا في المؤخرة , حتى يحنو عليّ أحد القادة ليضمني لفريقه وأنعم بشغل خانة في اللعب , حتى ولو كنت أقلهم خبرة وأصغرهم سناً . غالباً ماكنت أشغل خانة الدفاع , أو بالأصح ( قشّاش ) ! هذا ماكان يقوله لي الكابتن : - خليك دفاع , قشّاش . كنت أنتشي بهذه الكلمة ,( قشّاش ) !! , بالرغم من وقوعي بعد زمن , على فحوى ومعنى هذا اللقب ,, وهو بكل بساطة أن تركل أي كرة تقترب من الباب , وتطوح بها للبعيد , هذا فقط . ولكن في يوم من الأيام وأنا أتأمل المعركة التي تدور حول الكرة في وسط الملعب , وأنا بالقرب من المرمى , فكرت في أن يكون لي دورٌ أكبر , وأن يكون لي سمة بارزة لأطفو فوق الجميع , وأن أكون الأفضل ,, وفي لحظة , انطلق ( حسن أبو علي ) بالكرة - وكان من أحسن المراوغين والهدافين - نحوي بالكرة , ومن حيث لا أعلم انتابتني حماسة شديدة , وجبروت فارع , فاتجهت إليه مسرعاً ,, وبدون وعيٍ مني انقضضت عليه كالنمر , واستخلصت الكرة منه إلى خارج الملعب , فأرديته على الأرض فتأوه وتلوّى , لملمت نفسي ونفضت الغبار عن ملابسي منتشياً , فأقبل عليّ ( أبو علي ) بوجهٍ متجهم , وبملامح غاضبة , وهددني , وكأنه انتقص محاولتي أو استغربها لصده , وأنا القشّاش الذي لا حول له ولاقوة . انتبه الجميع لهذه اللفته القاسية من اللاعب البارز ( أبو علي ) ,, فتطوقوا حولي ,, مستفهمين عما قاله لي ذلك اللاعب , ثم ربت على كتفي الكابتن , وأمطرني بكلمات من التشجيع والإعجاب , عندها وقفت منتصباً ونسيت الجميع , وأحسست هناك , أنني أفضل ( قشّاش ) في البرحة . |
جميلٌ يآ أنتْ.. . . بَعضُ الأشياءِ.. جميلٌ أنْ نرآهآ مِنْ حَيزْ مُختَلِفْ .. وَبعضْ التَفاصيلْ .. نَعودُ بَهآ كـَ عُمرٍجديدٌ.. لـ نحيآ الأحداثْ كمآ جرتْ .. ليسْ بَعدْ .. :2: |
مشاركة : قشّاش ليس بعد .. أو فلنقل : قشاش بين أولئك الذين طال عليهم الأمد .. ومتوسطي العمر .. وعيال الحارة / البرحة .. وكومة الصبيان .. واللفتة القاسية ، بين ذلك كله ، لم أعد أعرف الفرق بين الـ ( ركنية ) والـ ( المرتدة ) ..! مودتي وكثير من انبهار بحرفك النابض ,, |
مشاركة : قشّاش :11: . ليس بعد،، ، في الماضي،، تفاصيل صغيرة،، كانت يومها كبيرة،، بل تعني لنا العالم كله،، ، تتشابه تفاصيل الطفولة، بساحة كبيرة، وكرة و"عيال حارة" باختلاف الأسماء، ، ليس بعد،، ، ، عصرية "قشاش" كانت ممتعة التفاصيل،، لك كل الشكر وكثير من الاعجاب،،، :11: |
الساعة الآن 11:56. |
Powered by vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by
Support-ar
جَميِع الحقُوق مَحفُوظه لمنتديَاتْ بُـوووح الأدبيةْ