مُنتدياتْ بوُووح الأدبيهّ - في ذكرى مساعد رحمه الله تعالى ..

وآواه يا مساعد ..!

هاهو قد مر عام على رحليك .. وحتى هذه اللحظة لم أستطع إستيعاب ذلك الرحيل ..!

لم أستطع تصديق أنك مت .. وأنني لن أراك ..!

أتدرى ياصديقي لماذا ..؟

لأنني لم أكن أتصور أن الإنسان الذي كان يضج بالحياة أنه سيغادر هذه الحياة فجأة وكأنه لم يكن ..!
لأنني لم أكن أتخيل أن الإنسان الذي كان يضحك ويبتسم " وقلبه يدمى من الداخل ..!" أنه سيترك لي كل هذا الإرث الحزين من المشاعر والاحساسيس ..!

إذ لم أكن أعرف طعم الفقد قبلك حتى فقدتك ..! و لم أكن أعرف أن وقع الموت على النفوس يكون بهذا الشكل الموجع والمرير حتى غيبك عنى..! و لم أكن أعرف أن رحيل الأحبة سيترك وراءه كل هذا الشجن الذي يمزق الأضلاع حتى رحلت عن دنيانا الفانية..! و لم أكن أعرف أن غيابك سيفجر كل هذه المشاعر الحزينة في نفسي ..!

وآواه يامساعد ..!

لو تعرف كم بكيتك , وكم فقدتك , وكم ..وكم اكتشفت أنني أحبك حباً يتجاوز حدود الوصف وطاقة الكلمات ..!

وآواه ياصاحبى ..!

ماذا عساى أن أفعل بكل الذكريات التي تركتها تعبث بروحي ليلاَ ونهاراَ , وتطاردني كالأشباح ..؟
تلك الذكريات التي تحاول أن تتشبث بالحياة عوضاَ عن الحياة التي ذهبت ..!
فهذه ذكرى تزيح الستار عن مشهد تفاصيل صراعك الدامي مع الحياة ومكابدتك لأوجاعها المستمرة منذ نعومة أضافرك حتى اللحظات الأخيرة , وكيف كانت ترميك من موجة عاتية إلى أخري أعتى وأقوى , وأنت صامد شامخ كجبل حتى وضعت لك مكان على خارطتها التى مابرحت تلفظ كل كائن حي يريد الأسقرار والأمان ..!

وهنا ذكرى تكشف لي ملامح وجهك الرضي الذي نجح كثيراَ في إخفاء " قرون من التفاصيل المؤلمة والحزينة ..!"
ذلك الوجه الذي كان يبُطن عكس مايظهر للآخرين من سعادة ورضا ..!

وهنا ذكرى تغوص في شخصيتك التي كانت تحيا بمظهرين مزدوجين ..!
حيث المظهر الخارجي الذي يعرفه معظم الناس حيث الرجل الصارم والحاد ذو الإنفعالات السريعة والذي يرفض كل القناعات البالية ,وكل المظاهر المزيفة , الرجل الذي الذي يرفض لبس الأقنعة الكاذبة ,ويتعامل بتلقائية مدهشة دون تصنع أو تكلف ..!
أما مظهرك الداخلى الذي لايعرفه الكثيرون كما أعرفه أنا , حيث الإنسان الرقيق , طيب القلب الذي يتعامل مع كل الأشياء بمنتهى الإنسانية ..الإنسان الذي تتحرك غيرته و دموعه صوب قضايا الإنسان والإنسانية المنسية في هذا الزمن ..! قضاياالظلم والظالمين , والفقروالمعدمين الإنسان الذي يحتضن الفقراء والمعوزين , ويتعاطف معهم إلى درجة الأحتراق والضياء ..!
ذلك المظهر الداخلي الذي يبلغ أوجه عند رؤية الأطفال الذين كنت تعشقهم ,ويعشقونك ,وتغسل معهم متاعب الدنيا وهمومها المتواصلة ..!
آه ..! تلك هي مناجم الطيبة والبراءه التي كانت تملأ عالمك , ولكنهم لم يعرفوا ذلك ..!

وهنا ذكرى تعرض أمامي الكثير والكثير من المشاهد التي عشتها معك , حيث المواقف الضاحكة المرة بعد المرة , والنقاشات الفكرية الحادة التي تشخص أوجاع الأمة , وتبحث عن العلاج ..!

وهنا ذكرى المشهد الأخير .. الذي مازال ملتحماَ بخلايا الذاكرة ..!
وأنا أحمل الجثمان الذي كان " ينبض بالحياة ..وبحب الأحياء ..!"
حيث أستر ضعفي تحت كل مظاهر التجلد والقوة أمام الآخرين ..!

آه..! أغوص في تفاصيل مكالمتك الأخيرة ..عندما هاتفتني لتطلب مني المجيء .. لأن الجو كما قلت لي كان يتجاوز كل أوصاف الروعة .. حيث المطر والطبيعة .. آه .! كم كنت أعرف عشقك للمطر وللطبيعة أيها الماطر .. حسناَ ..! أعتذرت لك بسبب " بحوث الماجستير التي لا تنتهي ..!"
وأنت ترفض ذلك العذر , بل وتعدني بالمساعدة في تلك البحوث لئلا تفوتني متعة المطر ..!
آواه يا مساعد ..! كأنك تريد توديعي تحت قطرات المطر ..! وياليتني لبيت دعوتك ..!

وآواه ياصديقي ..! وآواه ياوجعى ..!

لماذا لم تأخذ معك كل هذه الذكريات ..؟
لماذا تركتها تعبث بروحي ..؟

وآه ..! وآه ..! وآه ..! لو تعرف كم أنا مشتاق لك .. وكم أنا اشتقت لك .. وكم .. وكم .. أنا مكلوماَ بفقدك ..!