أول ليلة فِ العيد بدتْ ، أصوات المفرقعات تعلوا سماء الرياض ، الضجيج هُنا وهناكْ أسرابٌ من البشر تقف متدافعه عَ محلات الحلاقة ، الأسواق ، المطاعم والكثير الكثير الفرحة فِ وجوه الأطفال إرتسمتْ وصوت جدتي وهي تهنئني "
مبارك عليك العيد يا نوري" يا الله يا جدتي كم أفتقدُكْ فِ هذا العيد ..
الكل غدى سعيدا ولكنْ بي شيئ يمنعني من أن أرتدي فساتين الفرح وأتزين بمزاين السعادة تغيرت كثيرا فِ رمضان وتغيرت حياتي ، تلك الفترة البعيدة عن شبكات التواصل الإجتماعي أردتني فتاة أخرى تغير تفكيري صرتُ أرى الكون بنظرة أخرى الكثير الكثير تغير منْ حولي أيضا ..
لأول مرة لم أنتظر قدوم العيد أتى سريعا وكان رحيل رمضانْ أسرعْ لم أستشعر حتى هذه اللحظة بأي بشائر للعيد تفرحني فَ شوارع الرياض مزدحمة ولدي خوف رهيب من تلك الأماكن المكتظة بالبشر أشعر وسطهمْ بالقلق بيد أن الحزن لا يدعني للفرح أبدا ..
أمسكتُ هاتفي عدتُ لشبكات التواصل وكان أولها الواتس "
184" رسالة البعض يسأل عني وعن إختفائي والأخرى تهنئة بالعيد ولكن كان أجملها تلك الرسالة التي إبتدأت ب "
منار قسم بالله الكون من غير ما يسوى نسمة وينك أبيك محتاجتك تكفين لا تروحين إرجعي " يا الله شخص يفتقدني أعدت اغلاق الهاتف بعد ساعتين من الأحاديث المتواصة ودقت الساعة أجراس الثانية عشر ...
إستلقيتُ ع الأريكة أنتظر قدومه بفارغ الصبر أشتهي رؤيته ، أن أخبره كم أن العيد لم يعد يعني لي شيئا سواه ، مرت الساعة والثانية والثالثة وإذا بصوت الباب يقرع كان الخوف قد إحتل تقاسيم وجههي رجله كانتْ تنزف رأسه قد تبعثر الشعرُ فيه يمنه ويسرة ، صوته كأن الموت يحبس أنفاسه نعم لقد كان أبي ولكنْ لم يكن أبي الذي أعرفه رحل إلى غرفته إحتسى بعض قطرات الماء وغط فِ نوم عميق وكأنه لم ينم منذ عشرات السنين ..
إلتقطتُ أنفاسي التي هربتْ مني للحظة وأتبعها صوت الهاتف يعلوا لم أنظر إلى المتصل أجبتُ دون وعي وإذ بصوت يتمتم "
منوور كل عام وإنت بخير يا روحي وعساك من العايدين كيفك بشريني عنك " وكأني خرساء لم تتحدث بحياتها لم أجب وبدأ صوتها يعلوا "
منار يمي وش فيك ردي علي وش صاير" إنتهى شحن هاتفي وأغلق الخط وغفوت بعدها ع الأريكة دون أن أشعر بما يدور حولي ...
تسللت نسمات الهواء من ذاك الشباك فِ يسار غرفتي داعبتْ عيني وكأنها تقول لي إستيقظي الوقتُ قدْ تأخر قلبتُ نظري فِ ساعة الحائطْ وإذْ بها الثالثة عصرا يا الله لم أنم قبلا هكذا ما إن قمت من عَ الأريكة إلا بصوت أخي قادم نحوي "
مناااااااار أبوي سوى حادث أمس قومي بسرعة " كانتْ تلك الكلماتْ كفيلة بأن توقف قلبي عنْ النبضْ يا إلهي ، أسرعت أجري نحو أبي وإذ به يرتدي ملابسه يستعد للذهاب للعمل يا الله يا أبتاه عمل فِ يوم العيد أي قساوة هي تلك يا أرض الرياض الذي تجعله لا يتمتع حتى بتلك الإجازة وهي منحة من رب السماء وليس من أي بشر يعتليكْ ....
يا أرض الرياض رحلتْ طفولتي وأنا قابعة بين جدران غرفتي التي تحتضنينها بين أرضكْ اشتاق لفرحة الصغار وملابس العيد ، لصوت الدف الصاعد من بيتنا وأهازيج صوت أختي بأناشيد العيد ،أشتهيكَ يا وطني أشتهي ترابكْ ، سماءكْ ، أرضكْ فالعيدُ يا وطني هُنا أشبه بميت قدْ قضى نحبهُ من الدنيا ينتظرُ ملكَ الموت ليقبضَ روحه ، أشبه بفتاة سقطتْ من قطارِ الحبْ وتشبثتْ بنهر الموتِ الجارف ...
ولكنْ يا بلادي غدى عيدكُ اليوم مختلفا فهو عيدٌ بطعمِ الشهداء بنكهه الطغاة ، بجراحِ المرابطينْ ودعوات الثكالى والأيتامْ ، أرضٌ تحتضر وأخرى تغتصبْ وثالثةٌ تنتحبْ ورابعةٌ نُزعَ من قلوبِ حُكامها الرحمة ، عيدٌ يحملُ بين فرحته وجعا لعائلة فقدتْ إبنها وأخرى فقدتْ سندها جراحٌ تُنْزفْ وعربٌ يفرحون ويرقصونْ وأنتِ يا بلادي حزينة مفجوعةٌ مكلومةٌ جريحة ، إرتوتْ زهوركِ منْ دِماءِ أبنائِها ..
نعم يا سادة هكذا مرت ليلة العيدْ وهكذا غدتْ والحزنُ والوجعُ يرتسمانَ فِ ملامحي والألم لجراح أبي يكبر فِ صدري ولكنْ رسالةٌ كانت كافية بأن تجعلني أفرح منْ القلبْ فشكرا لتلكَ الأنامِلْ التي أسعدتني حين خطتْ تلكَ الأحرف "
وأنا لم انسك لحظه من دعواتي في جوف الليل ، كنت أرسل لك دعوات ع شكل زهور جميله وادعو الله ان تصلك اينما كنت ، يكفيني فرحا انك بخير سيدتي"
منار مجدي
1/10/1434
@nour_aleiman