كنت أجلس وكانت تقابلني ..
هي .. تلك المرأه الـ شارفت سنواتها على الخمسين ..

بشوة الملامح .. يسكن الصمت زواياها .. كان الجميع يحكي ويتحدث

حول الاوضاع العامه والخاصه وماهو حاصل وماسيحصل .. وبين الـ شد والجذب

قالت إحداهن .. يــآه بكيت أمس لـ غزة ..

غزة تحتضر .. اللهم فك اسرهم .. اللهم انصرهم ..

لآحظت الصمت الـ كان يلف ملامحها قد تحول إلى حديث .. حديث دآخلي ..!
تحركت تلك الملامح .. وكأنها كانت تثور وتغلي بدواخلها ..

قـآلت اللهم آمين .. اللهم آمين ..

تيقنت من لهجتها أنها فلسطينية الأصل والمنشأ .. مقيمة هنآ في السعودية ..

قلت لها .. والله إننا نخجل نحن كـ عرب مما يحدث عندكم ونحن صآمتين ..
ووالله إننا جبنـآء وضعفاء ومتخاذلين ..!

ابتسمت وقالت .. الله يفرجها من عنده ..

وسرحت بعيناها للبعيد ..

ثم استئنفت على حين غفله منا وقالت :
اخي .. اسير في السجون الإسرائيليه منذ 22 سنه مضت ..!
22 سنه لم أره .. ولكم ان تتخيلوا ذلك ..!

كدت ابكي .. 22 سنه مرت .. عمره مضى .. شبابه .. حياته ..
ايامه دفنت تحت الظلم الإسرائيلي !!

يــآه .. كم نحن ضعفاء .. وكم هم مستضعفين ومظلومين ..!

22 سنه ولم ترآه ..!

تخيلت نفسي مكآنها .. 22 سنه تمر ولآ اراك يا أخي ..!
تكبر بعيداً عني ..!

طردت الفكرة بعيدا كي لا أبكي امامهم ..

وقلت لها .. لايسمح لكم بالزياره على الاقل ؟؟!

قالت : لايسمح إلا للوالدين فقط .. ولا والدين لدينا ..
ماتوا جميعهم ..

تنهدت وقلت حسبنا الله ونعم الوكيل .. اللهم عجل بفك أسره ..

قالت اللهم عجل بفك أسرهم .. أخي الآخر اسير في تلك السجون منذ 25 سنه مضت ..!

صدمت حينها .. الفجيعه فجيعتان والضربه ضربتان والقتله قتلتان ..

اخوة لها .. دمها ولحمها .. بنفس الأرض .. بنفس البلد .. تفصلهم اسلاك شائكة وسجون ..

هم تحت الارض واهله فوق الارض ..!

عمر يمضي .. حياة بحالها تمر .. يعيشونها بين جدران اربع ..!

الحياة تختلف وتمضي وتتطور .. يصبحون على شيء ويمسون على شيء مختلف ..!
وهم اسرى يمسون على جدران ويصبحون على نفس الجدران ..!

وبأي ذنب .. ذنب الدفاع عن الأرض ..!
ذنب الوطنية ..
ذنب طرد العدوان والظلم عن انفسهم ..!
ذنب الدفاع عن الدين ..!
ذنب الدفاع عن الأقصى الشريف ..!

اي ذنب ذاك الذي يستحق أسر إنسان تحت الأرض وبين جدران أربع لـ 25 سنه ..!