عرض مشاركة واحدة
  #19 (permalink)  
قديم 19-01-2009, 00:59
الصورة الرمزية عشبة
عشبة عشبة غير متصل
حيــاة
 
بداياتي : Jul 2008
المشاركات: 599
تقييم المستوى: 0
عشبة is an unknown quantity at this point
افتراضي للأسف لما يكتب إسم الكاتب ,,

الحرب الدائمة وتحطيم الإنسان
الحياة - 13/01/09//

هذا الشرّ. هذا الشرّ كيف يُفهم؟ كيف يستوعبه العقل؟ مخيف الإنسان. مرعب. كيف يقدر على هذا الشرّ اللانهائي؟ كيف يبيد شعباً؟ كيف يقتل امرأة تقطع الطريق؟ كيف يقنص رجلاً يحمل ربطة خبز ذاهباً الى بيته؟ ماذا كان هتلر؟ هل وُجد؟ وستالين؟ وبونابرت؟ كانوا حقيقيين؟ من هؤلاء؟ من أين يخرجون وهل يختلفون عنا؟ الإنسان هو نفسه. يتحطم، ترى الندبات على جسمه، ثم يقوم. هذا إذا قام. الشخص الذي تعرض للأذى، الشخص الذي خَبِر الألم، هل يؤذي في المستقبل؟ تحسب أنه لا يفعل ذلك؟ الإنسان هو نفسه. نقول العنف حلقة مفرغة. وماذا إذا كُسِرت الحلقة؟ ماذا إذا كفّ أحدنا عن ضرب الآخر؟ هل الآخر يكفّ؟ لا يكشف التاريخ أمامنا ما هو طيب. لعل غاندي من الأمثلة النادرة. في مقابل غاندي كم حرباً نجد؟ ماذا يفعل إنسان وُلد في أرض مضروبة بالعنف؟ يهجرها؟ لكن ليس جميع الناس يقدرون على الهجرة. ثم لماذا يهاجر وهو ولد هنا وعاش هنا وهنا ذكرياته؟

ابن غزة لماذا يترك غزة؟ حتى لو فتحوا المعابر وقالوا له أخرجْ الى حيث تريد، لماذا يخرج؟ كيف نفهم الشر؟ القمر يرتفع كاملاً، أصفر اللون، فوق المدينة المقصوفة. كيف نفهم الشر؟ هل يُفهم؟ قتلت الحرب الكبرى (الحرب العالمية الأولى) ملايين البشر. وحول «الجبهة الغربية» دفنت عدداً لا يحصى من الجنود. كذلك ثلوج «الجبهة الشرقية». النصب التذكارية تملأ تلك الأمكنة. أسماء وأسماء وأسماء منقورة في الحجر والرخام. تلك حرب انتهت بهدنة في 11 تشرين (الثاني) 1918. هل انتهت؟ (كان النحاتون على الحدود الفرنسية – الألمانية ما زالوا ينحتون أسماء الموتى على النصب عندما أصابتهم قنابل الحرب العالمية الثانية). في ذلك الزمن أيضاً احترقت بيوت حيث تحترق بيوت الآن. تغيرت الجيوش ولم تتغير. تغير السلاح ولم يتغير. ماذا يكون السلم؟ راحة بين حربين. تتواصل الحرب بلا توقف. الحرب دائمة. تركض من نقطة الى أخرى. أين البداية وأين النهاية؟ أين الأمل بينما الإنسان يتحطم، تُكسر عظامه (العظم هش)، يُحرق لحمه، يُجرح بالسكاكين والسيوف والرصاص والصواريخ. هذا الشر. هذا الشر كيف يُفهم؟ وأين ينتهي؟ هل ينتهي؟ هذه الكلمات بلا قيمة. كل ما يكتب عن الموت، عن القتل، بلا قيمة. أنت لست هناك. أي قيمة للكلمات أمام دمار البشر؟ من تنقذ الكلمة؟ لا تنقذ القراء ولا تنقذ كاتبها. نفكر ونحن ننظر الى الأجسام المحطمة؟ رأى رجلاً يُقتل أمام عينيه. رأى جثثاً عارية تحت جسر. ما تراه هو أنت أيضاً. هل ننتبه؟ وحتى إذا انتبهنا ماذا يغير ذلك؟

هذه الكلمات بلا قيمة. الحرب تتواصل والإنسان يتحطم. رأس الفتاة المقطوع. كأنه مقطوع. أين الفارق؟ انفصل الرأس عن الجسم أم غطت الجسم الحجارة... ما الفارق؟ لماذا قُتلت هذه الفتاة؟ وجهها أبيض. إنها تنظر إلينا. ماذا نقول لها؟ لن تسمعنا. القادة أرسلوا جيوشاً الى الموت على «الجبهة الغربية». اجتمعوا، خططوا، تصافحوا باسمين أمام الكاميرا. كانت الأمواج البشرية تُحصد برصاص المدافع الرشاشة قبل أن تشتبك بالبنادق والحراب. تعلق أجسامهم بالأسلاك الشائكة ثم يحصدهم الرصاص. قتلى 1916 ماذا كانوا؟ مئات الألوف، لماذا سمحوا للوحش أن يأكلهم جميعاً؟

نقول هؤلاء جنود. والجندي يتحمل الخطر. هل كانوا جنوداً بإرادتهم؟ نقول ما نقول. الحكي سهل، ليس أسهل من الحكي. والإنسان الذي يتحطم؟ من يتحمل على كتفيه ثقل الموت (ثقل القتل) اللانهائي؟ الإنسان غريب. يقدر على أشياء لا تُصدق. لكن هذا الشرّ كيف يُفهم؟ هذا القتل المستمر، كأن أحدهم يشرب ماء، ويبلع الماء، وينظر. في هذا المكتب شخص يستطيع بكلمة أن يؤخر هجوماً أو يُقدم هجوماً. أن ينهي جولة قتال أو أن يفتح جولة أخرى؟ ماذا يُدعى؟ الجنرال فوش؟ ماذا يُبدل ذلك؟ أسماء تأتي وأخرى تذهب. والفتاة التي خسرت حياتها في غفلة من الزمن؟ لماذا تهمّنا الى هذا الحد فتاة واحدة؟ كثر يموتون في هذه الحروب. في مدينة واحدة يموت في أقل من أسبوعين 800 شخص، أو 40 ألف شخص أو مئة ألف شخص. ونحن نتكلم عن فتاة واحدة! حياة واحدة حُطمت بضربة واحدة . لماذا تعنينا؟

القتل يتواصل. نرصف كلمات بلا قيمة. يتواصل القتل.





**********

هنا كتب كل ماأفكره به
كل الإسئلة التي تدور في بالي



عشبة
رد مع اقتباس