أخي الغالي / البيان ،
ممتن للداخلة ، ونظرا لضيق الوقت ، وغربلة السفر ، سأختصر كثيرا كثيرا ، وأرجو أن تقبل اختصاري هذا ، مع فائق الشكر .
بداية ، لا أعتقد أن هناك حاجة ، للكلام عن رؤية نقدية أو رؤية ذاتية ، لأني ذكرت ذلك في ردي المطول ، قلت أن هذا رأيي الخاص ، أوردت له مايدعمه من ذائقة أديب معروف مثل القصيبي ، وليس على أحد اطلاقا ، سواء العزيز البيان ، أو الأخت الميهاف ، أو أي عضو ، أن يلزم برأيي ، أو برأي القصيبي !
فيما يخص العلاقة بين مااستشهدت من الأمثلة المطروحة ، وبين ماذكرته عن تعقيد الوصف :
سأقتبس من كلامك التالي /
لم يكن بها إلأّ صورة جميلة لشهقة حلم غاضبة , ومتكورة على تنهيدة تأبي الخروج .!
وقد كانت التقاطة بديعة من الكاتبة لصدمة وجدانية تخنق الكثير .!
أنت هنا تقر أنها صورة ، ويبدو أنك استنتجت أنها صورة جميلة أيضا ، ولا أعلم كيف كنت ستستطيع أن تصل لهذا الاستنتاج ، لولا أن هذا التساؤل يحمل وصفا لهذه الصورة ، سواء كانت على هيئة سؤال ، أو جملة ، أو نثر ، أو شعر .
وكما قلت من قبل ، لا أعتقد أن شوكة الكرامة ، المخبئة تحت الجلد ، والجلد لفتاة عذراء ، وهذه الفتاة العذراء ، تتدحرج قمعا في ربوع الغربة ! لا أعتقد أن هذه صورة مبسطة ودقيقة ، بل هي صورة غاية في التعقيد ، والتشتيت .
ولا أعتقد أن الحلم ، الممزوج بشهقة ، من موشور غضب ، متكور بتنهيدة ، لا أعتقد أن هذا وصف ، بقدر ما هو متاهة للفكرة المراد طرح التساؤل تجاهها !
أخي الغالي ، عندما أتكلم عن الوصف ، لا أقتصر به الشعر ، أو النثر ، أو الخاطرة ، أو القصة ، أو الرواية .. ولا أعلم ما سبب التفريق بين هذه الأمور حيال هذه الجزئية ، فالوصف يتعلق بجميع الفنون ، حتى بالشعر العامي !
وعندما أقول (( الوصف )) ، لا أقتصر به أيضا التشبيه ، أو التساؤل ، أو البوح ، أو ... ولا أعلم كيف تنظر للوصف على أنه فقط تلك الصورة التقليدية التي يتبناها المنهج التقليدي ( القديم ) في النقد والشعر .
عندما نسأل شخص ما (( صف لنا شعورك ) / هل يجب أن يكون وصفه مقترنا بالاستعارات وبالمشبه والمشبه به ؟ وإذا لم تحتوي اجابته على مثل هذا ، هل تسقط الأحقية في اطلاق كلمة وصف عليها ؟
أخيرا ، أعتقد أن مثل هذا الحوار كفيل بإثارة الفائدة ، وتأجيج النظرة الناقدة، وقبل هذا وذاك ، يجب ألا نحرم أنفسنا فوائد النقد ، فالصورة المتكررة من المديح ، والهتاف ، والتمجيد ، أصبحت تششكل نسقا غالبا في المنتديات ، وهذا ملحوظ، وموجود، ولا ينكره إلا مكابر . لذا تجد - وكما أعتقد أنك تعلم - أن النسق دائما ما يحيط نفسه بالأسوار ، ويضع العراقيل أمام أي فكرة من شأنها أن تؤثر عليه ، أو تعمل على تفكيكه ، وقد تظهر الأنظمة الدفاعية للنسق ، بصورة عنيفة أحيانا ، ومتطرفة ، وفي أحيان أخرى ، تظهر بصورة منمقة ، ولطيفة ، يغلب عليها الإستحياء ، والتدخل بصورة ثقافية متحضرة ، إلا أنه في النهاية ، سيظل النسق فترة طويلة يعشش في الأفئدة ، ويلوي الأعناق والرؤوس ، ويطالب دائما بلغة التمجيد، والهتاف ، وشعرنة الذات .
دمت بعافية ، وكل عام وانت بخير