الموضوع: خواطر ملكية
عرض مشاركة واحدة
  #1 (permalink)  
قديم 15-09-2009, 21:53
الصورة الرمزية كاتب عمومي
كاتب عمومي كاتب عمومي غير متصل
كلما فهمت تعبت !
 
بداياتي : Aug 2009
الـ وطن : الرياض
المشاركات: 197
تقييم المستوى: 0
كاتب عمومي is an unknown quantity at this point
افتراضي خواطر ملكية

تلك الابتسامة الماكرة الخبيثة لمعت في عينيه مجددا ، يستطيع أن يجدد هذا الشعور النرجسي ، أن يغذيه ، أن يؤمن به أكثر ، كل ماهو مطلوب ، فقط عدد كافي من المتسولين ، مجموعة من المرتزقة ، صف طويل من الأعناق التي تركع لتقبل يده !
كان يتذكر دائما ، كيف استطاع أن يجعل لنظريته دلائل تطبيقية على الواقع .. " اجمع أكبر عدد من المال تحصل على أكبر عدد من العبيد والأذناب " . إنه يعلم جيدا أن السيطرة على المال لا تعني التمتع بما يمكن للانسان أن يجنيه بالمال فقط ، ولكن المال يولد النفوذ والسلطة أيضا .. الناس تستلم عندما يتعلق الأمر بالمال ، الناس تنهار حين تشعر أن ثمة خطر يهدد أموالها ، تعمل على أن تتفادى ذلك بأي ثمن ، بأي طريقة ، حتى ولو اضطرت للركوع !
هاهم الراكعون يصطفون أمامه ، ينتظر كل واحد منهم دوره في الطابور ، الكل يحاول أن يظهر مقدرة أفضل في الركوع ، والبعض يركع بطريقته الخاصة ، والبعض يقبل بشدة وحراره واخلاص !
تراجع للجلوس على عرشه .. وبدأ يحدث نفسه :
هل تعتقد أن هؤلاء يهتمون لأمرك؟ إنهم يكرهونك . لا ؛ إنهم لا يكرهونك ، بل يحتقرونك ، ولم لا ؟! أنا أيضا أحتقرهم ، وأستطيع أن أترجم هذا الاحتقار إلى واقع عملي ملموس ، تلمسه يدي كل يوم ، تلك القبل والأنوف التي تعفر هنا كل يوم .. ( ومسح على ظهر يده بلطف ) ..
بدأ يوزع ابتساماته الطاوسية على الحضور .. وعاد يحدث نفسه .. :
هؤلاء الزبالة ، شعب شحاذ ، هل رأيتم معاناة تعادل معاناة ملك يحكم شعبا شحاذا !! .. لو كنت أقود مجموعة من البشر لكان الوضع مختلف تماما .. أما مع هؤلاء الحثالة فلا شيء .. لا أجني غير تقبيل اليد !
أدار نظره لمساعديه خلفه ، أرخى أحدهما مسمعه لجلالته ، وبدأ يتلقى التوجيهات ..
بعد تناول الجميع وجبة العشاء على شرف جلالته ، بدأت التعليمات توجه بشكل هادئ وسريع للحضور بالانصراف . إن جلالته لا يحب السهر ، وهو في حاجة ملحة للنهوض مبكرا جدا حتى يتابع مشاريع التنمية المتنوعة والمتناثرة في أنحاء البلاد .
قرر الحضور أن يودعوا جلالته بشكل جماعي ، وبطريقة موحدة ، وبعد الاصطفاف في طابور طويل ، تمت عملية تقبيل اليد في سرعة وسلاسة دون أن تأخذ من جلالته الجهد ، أو الوقت الطويل !
كان آخر من يقبل يده ، رجل مسن ، استجمع قواه وحاول وهو ينحني نحو تلك اليد ألا يتعثر أويسقط ، لقد كانت عينيه في حالة تركيز شديد تجاه اليد ، كان يضمها بقوة بينما جلالته لا يشد يده ! ، لقد باغته شعور سريع ومفاجئ ، لو أنه إلتهم تلك الإصبع المنتفخة من يد الملك ، لو أنه باغته ووضعها بين فكيه ، هذا المسن يعي تماما ، أن ما من قوة في الأرض يمكن أن تفلت هذه الإصبع من بين فكيه .. أضراسه أقوى ماتبقى منه ، يذكر جيدا كيف كان يتحدى رفاقه ويهشم بها كل شيء ، لقد كانت ، ولا تزال ، أضراسا فولاذيه ، ولم يكن ليشعر أن هناك أضراسا تفوق قوتها على الإطلاق !!.. باغته هذا الشعور وبدأ يتخيل في لمح البصر .. كيف ستكون حالة هذا الملك المتعجرف واصبعه الغليظة تحت الأضراس ؟!..كيف سيكون منظره وهو يصرخ ، ويتلوى كراقصة !؟
أصدرت قبلة هذا المسن صوتا عجيبا على يد جلالته ، وبعد أن رفع رأسه ، وصار وجهه مقابلا لوجه جلالته . قال في نبرة مؤدبة " أطال الله عمركم لشعبكم ياجلالة الملك "
أجاب جلالته وهو يبتسم ابتسامة عريضة " حياك الله " ..
وبعد أن مضى الرجل المسن .. زمجر صوت داخل جلالته " هذا القذر التافه العجوز المتعفن .." ..
ومسح ظهر يده ، ثم مضى ..
رد مع اقتباس