عرض مشاركة واحدة
  #10 (permalink)  
قديم 30-09-2010, 02:26
الصورة الرمزية يارا
يارا يارا غير متصل
صوتك يناديني .. تذكر ..!
 
بداياتي : Sep 2010
المشاركات: 25
تقييم المستوى: 0
يارا is an unknown quantity at this point
افتراضي رد: ظِلّك مَاتْ يَاظِلّي ...

،

يفصلني عن مغسلة الموتى مسافة مترين ..
نزل ابي .. واخوتي عدا عبدالله الذي ابطأ خطواته ليستفرد بي .. كنت قد انزلت كرسي السياره قليلا ورميت برأسي عليه وضممت يدي ببعض ، فأمسك بيدي . . وضغط عليهما وبنبرة حنونه قال : الصبر يا اخيه الصبر .. ثم وضع يده على ايسر صدري وقال : اللهم افرغ عليها من الصبر واليقين ماتهون به عليها مصابها .. اللهم قوّ قلبها وثبته على دينك .. اللهم انك احببتها فأبتليتها لتزيدها قربا منك فـ ارزقها من الخشوع والايمان واليقين والصبر على البلاء مايجعلها قريبة منك شاكرة لك حامدة على قضائك غير ساخطة يا اكرم الاكرمين ..

وضعت يدي على يده ورفعتها لاقبلها واردفت .. اذهب .. اذهب وقبله واحتضنه عني .. وادعو له بإذنه ببعضا من دعائي له .. فـ الاموات يسمعون .. ادعو له بالثبات .. الغفران .. الرحمه .. الجنه .. والفردوس والاعلى .. وقبل جبينه واختم دعائك بإن يجمعني ربي معه في مستقر رحمته ..

واهمس له .. بإن الفتاة التي لم يخلق مثلها في البلاد ستنتظرة .. وتبقى على العهد .. وتصون الوعد حتى يوم الجمع الاكبر ..

واحرص ان تكون انت من يغطي وجهه .. وانا انتظرك بعد الصلاة وقبل الذهاب للمقبره .

نزلت وبرفقتي امي لمصلى النساء .. كان المصلى شبه خالي .. عدا خالتي ام عبدالعزيز وبناتها .. تجاهلت الجميع وتقدمت .. واصبحت اطل على مصلى الرجال .. رفعت يدي مكبرة لتحية المسجد .. سلّمت ..
فقالت امي : خالتك هناك ..!
تجاهلت صوتها وتجاهلت كافة حواسي وكأني لاارى ولاأسمع .. فلست انا بمقام من يعزيهم .. وبمن ! بك ياعزيز ، آآه يالحريقي ياعزيز آآه لحريقي ياعزيز ..!

اقيمت صلاة العصر .. ليقول الامام بعدها : الصلاة على الميت يرحمكم الله ..

وقفت .. وليتني لم اقف ياعزيز .. رأيتك محمولا ياعزيز .. اهذا انت .. اقبلوا بك محمولا على الاكتاف .. مغطى بـ " بشت " بنيّ اللون .. وضعوك امامهم .. مذهولة انا ياعزيز .. خيالي الخصب صوّر لي كل شيء كل شيء حتى مرضك .. تعبك .. كل شيء .. لكنه لم يصورك لي ميتا ياعزيز .. ها انت ياعزيز امامي جثة هامدة .. فارقتني الروح ياعزيز .. قارقتني روحك وروحي و مت انا بموتك ولا اعد شيئا سواك ..


عزيز .. ياعز الحيآة .. وياعز الحب ..
عزيز .. ياماء العين .. ونبض القلب ..
ليتني مت انا وليس انت .. ليتني من يصلى علي ليس انت .. ليتني من يحمل على الاكتاف ليس انت .. ليتني من يوارى الثرى ليس انت ..!


ينادي الامام مرة اخرى .. الصلاة على الرجل والاطفال يرحمكم الله ..
اااه ياعز حبيبتك .. هاهم اطفال احلامي سيدفنون معك .. اااه يالجمري ياعزيز ..

الله اكبر .. كنت اقرأ الفاتحة بقلب مكسور .. لم استطع ان ارفع عيني عن نعشك ياعزيز .. اودعك مع كل ايه اقرأها .. اتأمل سكونك .. سكونك الذي لاحراك معه ..

الله اكبر .. شهقت بااسم سيد المرسلين شهقة مكتومة غلبتها بعد عناء .. ياااه ياعزيز كان يفترض ان تكلمني الان لتصحيني من نومي لاصلي فرضي .. وها انت سرقت النوم مني كي لايفوتني فرضي والصلاة عليك ..!

الله اكبر .. رفعت يدي ولازال بصري شاخصا بنعشك .. انك ميت ياعزيز وانا لااصدق .. اصلي عليك ياعزيز وارفع يدي لادعو لك ولا اصدق ياعزيز لا اصدق ..

اللهم ربنا عز جارُك وجل سنائُك وتقدست اسمائُك اللهم لا يرد امرك اللهم لا يرد امرك اللهم لايرد امرك اللهم اغفر لعبدك عبدالعزيز وارحمه وعافه واعفو عنه ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من خطاياه مثلما ينقى الثوب الابيض من الدنس وابدله دارا خيرا من داره واهلا خيرا من اهله .. اللهم انه بين يديك اللهم جازه عن الاحسان احسانا وعن السيئات عفوا وغفرانا .. اللهم تقبله بقبول حسن اللهم تقبله بقبول حسن اللهم تقبله بقبول حسن واجعل الفردوس الاعلى مثواه ومستقره ..

الله اكبر .. السلام عليكم ورحمة الله

لازلت واقفة انا .. تقدمت قليلا .. هاهم يقتبرون منك .. ليأخذوك ياعزيز .. تصور لن اراك مجددا ياعزيز .. وقفت ارقبهم من علٍ وهم يحملونك .. اخرجوك من المسجد للمقبرة .. لدفنك ياعزيز ..

ولازلت واقفة ارقب المسجد الذي خلا من كل شيء .. كنت تقول انك تصلي في الصف الثالث واحيانا في الثاني .. هاهو صفك يبكيك ياعزيز .. والزاوية اليسرى من المحراب التي تقرأ بها القران في رمضان تنتحب فقدك .. والرف الذي كنت تضع نعلك فيه ينوحك ..
المآذن حزينة .. والجدر تبكيك ياعزيز .. الكون بإجمع يبكي خسارتك ياعزيز .. وانا .. انا ابكي موتي قبل موتك .. وخسارتي قبل خسارتك ..

التفت يميناً لاجد يد لمى تستقر على كتفي .. ونشجت : وصيته كانت انتِ .. وصيته كانت انتِ .. وحضنتني بقوة وخارت قواه وانخرطت بموجة بكاء عنيفة كنت اسمع من بينها الا عزيز .. الا عزيز .. مسحت على ظهرها وتركتها وتوجهت لخالتي الجالسة ايسر المصلى .. قبلت رأسها ويدها .. قتلها النبأ .. وضح ذلك جلياً في ملامح وجهها ..

فتبسمت لي .. ثم تنهدت وقالت عظم الله اجر الجميع .. لاعزاء بالعزيز .. ثم اردفت .. كنت اخر وصاياه .. اوصى بك خيرا .. ثم بكت .. مسحت دمعتها وانا لا اقوى على نطق .. فقالت .. الضنى غالي يابنيتي وموت الحبيب حريق ..
قبلّت يديها وقمت ..

خرجت من المسجد .. الكون امامي لايسع خرم ابره ياعزيز ..
الا تريد ان تسمعني صوتك .. كفاك نوما حتى هذا الوقت ياعزيز .. لاتقلق سأقبل بك حتى وان تعافيت نصف عافية .. فأنت حبيبي ونبض قلبي ..

مسكت امي بيدي وساعدتني بالركوب .. ارتميت على الكرسي .. صامته فارغه من كل شيء .. اشعر بشعور غريب .. وكأن الدنيا وعقلي وقلبي يرفضاني بدونك .. يالهذا الصداع ..
نزلت من السيارة ، فتحت باب المنزل .. مشيت خطوة واحدة لاسقط بعدها بحفرة بعيدة المدى ..
____________________________________

،

وينبت على جفني سهاد ..
يذبل ورا صدري الشجن ..
أشقق اوراق الزمن ..
وانام ..
في حلقي الليله جفاف ...


البدر
رد مع اقتباس