عرض مشاركة واحدة
  #1 (permalink)  
قديم 23-10-2010, 18:06
الصورة الرمزية مَنَارْ
مَنَارْ مَنَارْ غير متصل
نَذْرٌ للِأمةِ !
 
بداياتي : May 2010
المشاركات: 31
تقييم المستوى: 0
مَنَارْ is an unknown quantity at this point
Unhappy بَقَآيًـًآ [ذَآكِرة] ~


بـَقَايـَا ذَاكِرةْ !



إليه .. بعد أن إنسل خفية متأبطا يدا لن تعود به أبدا ..!
***
أكتب إليكَ الأن وأنا مرتعشة كـنكسارات ضوء على حوض سباحة ومنكفئة إعصر بكفيَّ رأسي ليكفَ عَن هذا الألم الفضِيع , أكتبُ إليك وأنا أجربُ السهرَ للمرة الأولى وحدي وآلامي التي إقتات منيَّ منذ صباح الأمس .
وأجدني محتاجة لأن أحكي معكَ أكثر من أي وقت مضى .
وصدقني ياجدي فإني لم أعد فتاتكَ [الكاذبه] التي تفتري حتى على الجدران وترمي بخطاياها على الأشخاص المارين وتكتم بين شفتيها ضحكة الإزدراء وهي تنحني لتنزع من حذائها (كذبة) أخرى لترضي شغبها الغجري الفاضح !
ولم أعد تلك الصغيرة التي تهزأ بتجاعيد العجائز وتقبل تحدي قريناتها في أن تجعلها تهتز !
لقد أصبحت التجاعيد ياجدي بالنسبة الي (كمزار) مقدس ألجه ليعلمني دروسا أنا التي مازالت ازحف في طرقاتي اللينة : أن الحياة أجَّلُ من أن نعبث بها كامرأة بغي . وأنها لا تحمل إلا الأحياء لتجعَل منهم (قصص) تروى , وأما الأموات سيتساقطون كما النمل ليلعقوا ماعون طرقاتهم وحدهم , ويهدوا إطار أساهم للساقطين والذين سيموتون تماماً كالنمل
مهروسا ذليلا لا يئبه به أحد !
الأن ياجدي أصبحوا يعنون لي أشياء كثر إن رأيت أحدهم حاسرا ً رأسه تأكل الشمس من شعر رأسه الأشيب الملتف كأيكة نخرها السوس . أجدني أقف (قبالته) فقط من أجل أن يحمي ظلي القصير أنفه المعقوف أو عينيه الصغيرتين ..
وإن قرأت عنهم شيئاً تنتابني رعشة اشبه برعشة ماقبل الموت تجعلني اعاود قراءة السطرمرات ومرات.
كل هذا ياجدي ليس من أجل أن أكفر خطيئتي بحقهم: لا, إنك تبرز لي في كل مرة بوجهكَ النوراني , ولحيتك الموشاة بالنور من بين تلافيف الجلد , وفي الابتسامة التي تُخرج طقم الأسنان المصفر ..
والجيوب المتيبسة من آثار العرق , والأقراص المعقوده بشدة في داخل الجيوب , ومواعيدهم الفائته التي ينظرون لها بحسرة في كل مرة.!
,::
إن الكتابة إليك خطة سخيفة من أجل إقناعي بأنك لم تمت فعلا .. رغم أنهم صفوا بعناية ملابسك ووضعوها في كرتون صغير وألصقوها جيدا خوفاً من المتطفلين الذين ينبشون (أمور) الأموات دون خوف .
ورغم أني رأيت في الأيام القليلة الفائتة سريرك وقد حُلت مساميره وكادت دهشتي أن تفضح صرختي الغائرة ,
لم فعلوا هذا الأمر البشع ببقاياك !
كنت أريد أن أجمعها وأصبها في صدري قطرة قطرة حتى أثمُل! .
لم أشعر ببشاعة الإحتفاظ بأشياء الأموات إلا حين خرجت لي صورتك من بين طيات ملابسي : رمادية ككلس جدران باهت .. أمسكتها برهبة وبدأت بسرد حكاياي السخيفة عليها حتى لكزتني الشمس في ظهري .
كنت أحكي لها عن (زواجك) الذي كنت سأقيمة لك حين تشفى بإي أمرأة تريد (سوريه) (مصريه) ... من جامعتنا !
وأُذكرها بحمرار أعلى أذنيك ووشوشتك لي بقولك : أووووص لا تسمعك أمك .
لم أكن خائفة أبدا حين أخبرتها بنواياي الخبيثة , فضحكت وقالت : بجد منتي صاحيه !
أظنك تذكر أن ذالك اليوم كنت فيه (خطابة) بالدرجة الممتازه , عددت لك أوصافهن [الكريه] بشعورهن المجعدة وأسنانهن المستبدلة بأخرى مذهبة وابتسامتهن التي تبدو كـ[شيطان] رجيم !
كنت تضحك كما لو لم تضحك من قبل . كانت ضحكتك الملائكيه هي السبب في أن أستمر في جنوني وصخبي الهائج حتى موعد نومك .
وذكَّرتها ببكائي عشية عودتي منك حين قلت لك :
عرفتني ؟ . فلم تجب وأبتسمت بأسى مما جعلني أكشف وجهي لك غير آبهة بمن كان جواري من (رجال) كنت أريد أن تعرفني .. تعرفني فحسب ,لكنك لم تقل شيئا ولم تزد على ابتسامتك التي ما إن ذكرتها حتى أنكفىء كسنبلة وأسقيني بدمعي حتى (أشّْرَقَ) .
عللت عدم معرفتك لي بأطار نظارتي الجديد, أوبتقويم الأسنان الذي وضعته مؤخرا ..كل ذلك لم ينزع من ذاكرتي البائسة [إنحنائات]إبتسامته وطريقتي الهمجية في كشف وجهي أمام الملأ . كنت أريد أن أهزه بعنف وأقول / أنا الكذابه , أنا المشاغبه ,أنا (البثرة)* , انا التي لا تكف عن الثرثرة دقيقة واحده , وأنا الخطابة التي لا تستهويها سوى [النساء القبيحات] !
وحكيت لها عن (غضبي) منك حين كُنتٌ صغيرة لمنعك أياي من اللعب بالطين ودهن رأسي به كحناء !وكنت تخوفني بالقمل الذي يأكل الشعر ويتوغل في قشرته ومن ثم يفد الى العقل ليلحسه بلسانه العريض ثم تسيري في الطرقات ثائرة الرأس ولعابك يقطر على ياقة ثوبك الوردي الجميل , وستُرمين بالحجارة , ولن يصاحبك بعد أحد !
ماأحنَّ قلبك ياجدي : لم تخف علي من القمل بقدر خوفك من أن يلوثني (التراب) وأنا لازلت في أول عمري!
وذكرتها بإصراري على الذهاب لمجامع المطر , أنا التي أكرهها وأكره ذكر (البيداء) لكني خالفت توقعاته وأصررت على الذهاب وسط العيون المتسعة . خبأت آلة التصوير الخاصة بأختي تحت عبائتي عنوة , من أجل صورة خمرتها بين تلافيف دماغي حتى أصبحت جاهزة للخبز ! . وحين مر أبي من المقبرة أطل رأسي وحُبست الأجداث المنتصبة بين يدي, ورحت أحادثها :
كيف تجد المطر تحت الثرى ياجدي ؟ هل فتحت ازارير قميصك لتدعو وتخبىء القطرات الخائفة في صدرك ؟
كانت (اللوثة) التي سببها رحيلك طرية ولهذا هجت بطريقة مخيفة حين حذفوا الصورة بدافع :
- مالها راس ولا رجلين !
إنهم يسخرون مني ومن أشيائي الصغيرة التي ماإن أجمعها في مخدعي حتى يبعثرها القدر أو أيادي البشر الدنسة .
وأذكرها لعلها تذكر جنوني ليلة الأربعاء حين أقسمت لأخوتي أني رأيت (ثمة) شيئ يهبط من السماء
وبتخبطي في الجدران التي تتناسل مع كل خطوة أخطوها تماما كـخيباتي التي أوزعها على المارة الغرباء .
أذكرها بأمي التي مذ أسرفت في الغياب وأنا أنظر إلى عينيها التي أستحالت الى عيني (رضيع) تدور حدقته بحثا عن وجه يعرفه يعرفه جيداً, ويستعبر حين لا يجد سوى الوجوه الكالحة كـليل لا يرضع النهار منه !
حين قلت لها وهي تصف ثيابها بـشرود :
- لم نفكر في أشياء لا سلطة لنا عليها ؟
نظرت لي نظرة هي وحدها كافلة بأن تجعلني أبكي على حافة الليل حتى ملني وكاد يوقع بي !
وأحكي لها عن الساعات الأخيرة .. حين كنت أتصل على (خالي) فكان في كل أتصال يقول لي :
عندك أحد ؟
ليخبرني بتدهور حالته درجة درجة .. .
هه ! هل يخاف من أن أصرخ ؟ أن أبكي ؟ أن ألعن الموت ؟
إني مذ ولدت (وحنجرتي) مقتلعة وفي كل مرة أتحسسها أمام المرآة أجدها تتضخم بوحشة , ولاأجرؤ على الصراخ فضلا عن الكلام فتذبل رويدا كزنبقة أو زهرة حنّْون زرعت على طرف (جدث)
كنت أريد أ ن تسعفني فقط هذه المرة لأحكي له عن الشيئ الذي نزل من السماء مكللاً بالمطر والذي لم يأبه أحد به حين حدثته ,لكنني لم أستطع سوى أن أمد ياء عميقة لها صوت كصلصلة سلسلة في بئر صدئه :
ايييييييييييييه الله المستعان .
وأغلق الهاتف . وأتحسس حنجرتي أخرى .
فجر الخميس ..
تذكرينه جيدا.. أظنكِ سمعت هسهسة والدي وصوت زحلقة اللعاب في الحناجر ,ورأيتِ وقفة أبي المرتعشة على عتبات غرفتي , ودخول وجه أمي الذي رأيته حينها [صغيرا] خائفاً وشيئ آخر أُستتر!
حين أخرجت كلمتها العائمة في السحق أشبه بنجدة صغير تاه بين أشجار السنديان ..
- قولي الحمد لله ..
لتنفجر حنجرتي , وتشرق الشمس دونكَ !


صورتك بدأت تذوب في عرق كفي كحبة سكر ..لأرى صورتكَ متى شئت في خيوط الدم تحت جلدي .
عُمَّ ضياءاً !



• زفرة أخيره :
علمت الأن لم يجمعون رفات الأموات في توابيت ويلقونها لـ[شفاه] الرمل أو البحر إن الأصحاء يخشون على المجانين أن تتلاشى عقولهم تماما ,متناسين أن لهم ذواكر فائقة القدرة على أمتصاص الذكريات وأن النسيان لا يوجد إلا في ذواكر الأصحاء فحسب !

8/7/ 2010م

رد مع اقتباس