الموضوع: بٌحَةْ
عرض مشاركة واحدة
  #2 (permalink)  
قديم 28-10-2010, 06:28
الصورة الرمزية ريانة العود
ريانة العود ريانة العود غير متصل
ما للنجوم اوطان ..
 
بداياتي : Oct 2010
الـ وطن : بين الاقنعة
المشاركات: 450
تقييم المستوى: 14
ريانة العود is on a distinguished road
افتراضي رد: بٌحَةْ

،


مذّ طفولتي وانا تلك الطفلة الوحيدة لوالدين لم ينجبا سواي بعد عناء ومشقة طويلة ..
لذا لاعجب في أن يحضر لي أبي " اورج " وانا في العاشرة مني عمري بناء على طلبي حيث كنت " ذات الصوت الطربي الرخيم " بشهادة الجميع ..!

كنت الطفلة ريانة التي يشار لها بالبنان حين تحلّ مناسبة مدرسية تستلزم بإن ينُشد فيها أحدى الطالبات ، كنت أتقدم طالبات صفي في مجالس الأمهات ، والإذاعات الصباحية ، وحفلات التخرج .. كان صوتي مصدر فخراً لي دائماً ..

ولم أفتأ بإن أطوّر نفسي وصوتي ، كنت أغوص في حضن جديّ وهو يستمع للراديو واصغي جيداً ثم أختلي بنفسي واصف دماي كجمهور وابدأ بالغناء ..

كنت فيروز أبي وكلثوميته ، وحليم أمي وفريدها .. ورغم وحدتي في منزلي ووحدتي لأمي وأبي إلا أني لم أحسسهم بذلك مطلقاً بسبب حيويتي وصوتي الذي لم يهدأ مطلقاً ..

لطالما مددت يدي إلى تلفاز أبي على حين غفلة منه وطرب مع أم كلثوم ووقفت أمامه ورددت أمامه { أنا في إنتظارك مليييت } ورغم إمتعاضه بسبب قطعي لحبل إفكاره إلا أنه سرعان مايندمج مع صوتي وحالما أنتهي يبدأ بالتصفيق وانحني أمام جمهوري تحية له ..

وبادرت أمي وهي تُعد الطعام بقبلة سريعة وجلست على الطاولة أغني لها { أهواك وبتمنى لو انساك } لتردد معي { وانسى روحي وياك } وهي تحرك الطعام على الموقد ، أو تقطع السلطة ..

ولطالما شبكت سلك " المايكروفون " بالسماعات في الحفلات التي كنا ننظمها في صبانا وأبدأ بالغناء وفق لجمهوري حتى مطلع الفجر دون كلل او ملل ..

ومرّت الأيام ، وكبُرت وأصبحت بعداد الإناث وأضفت هذه الأنوثه لصوتي مزيجاً مركباً من القوة والدلال الذيّن أعطيا صوتي طابعاً خاصاً به ..

وبعد عدة محاولات خطبة لم تتم ، أتى النصيب - كما أعتادوا على تسميته -
كانت خطوبتي تقليدية جداً ، فلم يكن هنالك حباً من اول نظرة ، ولا مكاتيب غرامية سابقة ..

وتم الزواج ، ورغم تقليدية الزواج البحته إلا أنني نافست ليلى العامرية بعشقي لزوجي في نفس الوقت الذي نافس زوجي قيس بن الملوّح بجنونه لـ ليلاه ..

كان رجلاً بكل ماتعنيه الكلمة ، توافرت فيه كل صفات الرجولة التي تتمناها أي أنثى في رجُلها المنتظر ..

ورغم أنه أخذني من يبتنا الصغير وغربني إلى خارج وطني ، إلا أنه أحاطني بدفء وألفة لم يشعرني بها وطني مطلقاً ..

كنت " وردته " التي تحتضنه حين تحكم علينا الغربة أصابع الضيق وتغني له { بتوونس بيك وأنتا معايا }
وَ " ميادته " التي تدلله وتدفئه بحرارة عشقها له في تلك الليالي الباردة وتصدح بـ { أنا بعشقك ، أنا كلي لك }

كنت بمثابة الوطن له ، ولطفله الذي فاجأنا بوجوده بعد مرور 10 أشهر من زواجنا ..
لطالما هدهدت طفلنا بأغاني فيروز ، في الوقت الذي كان يمازحني بأن لاتقتلي طفلنا بعتاقة ذوقك ، فأجابهه بأن أتركني وطفلي شأننا سأظلل اردد له الطرب الأصيل حتى يصبح ذا أذن موسيقية كأبيه وحنجرة ذهبية كأمه ، لتضحك وتقرب فمك من بطني لتهمس .. صبراً يابنيّ ان فرج الله قريب ، حينها ستستمع لما يحلو لك ..
لننفجر ضاحكين سوية ..!

ظللنا " عصافير غرام " كما اطلقت علينا أمي بزيارتها الأخيرة لنا حين رأت مدى الألفة والحب والدفء الذي يسودنا ، وظلت الحياة جميلة ومبتسمة حتى اولى ساعات صباح الحادي عشر من نوفمبر الأسود ، حيث كنت في أسبوعي الأول من الشهر الثامن ، أفقنا على طرق شديد مفزع للباب ..

تبادلنا النظرات ، قلت لك بخوف ، من ياترى الذي سيطرق بابنا في هذا الوقت المتـاخر ..؟!

حاولت عبثاً تهدئتي وقلت لي بإن ألزم غرفتي وستخرج لترى من هنالك ..؟

سمعت جلبة أصوات واستفسارات لم تكن واضحة ، خفت عليك وخرجت لأراهم وهم يقتادونك أمامي ..
ركضت إليك خائفة .. فأحتضنتني وبادرتني أن أهدأي ، مجرد إجراءات أمنية وسأعود بعدها ..
قبلتني وأوصيتني خيراً وأمرتني بأن أتصل بأختك التي كانت تسكن في مدينة أخرى لتأتي واستحلفتني بأن لا أبقى وحدي ..!

أتت أختك ، وخرجنا سوية للحاق بك ولنعلم الأمر ..!
عرفت حينها بإن ذاك الأحتضان كان هو الأخير .. وتلك الوصية هي الأخيرة .. وتلك القبلة أيضاً كانت الأخيرة ..

حينها صرخت ، فـ بٌحَ صوتي للأبد ..!


كان هذا مجمل الحكاية ، وإليكم التفاصيل لاحقاً
____________________________________

،

عنك الصبر { كذبة ..!



http://www.formspring.me/ryanah84
رد مع اقتباس