الموضوع: بٌحَةْ
عرض مشاركة واحدة
  #7 (permalink)  
قديم 31-10-2010, 04:11
الصورة الرمزية ريانة العود
ريانة العود ريانة العود غير متصل
ما للنجوم اوطان ..
 
بداياتي : Oct 2010
الـ وطن : بين الاقنعة
المشاركات: 450
تقييم المستوى: 14
ريانة العود is on a distinguished road
افتراضي رد: بٌحَةْ

،


بالكآد تركت حضن أمي بعد أن أنتشلني أبي قسراً مردداً : الطائرة يآريآنة ، لم يتبقى على موعد الإقلاع سوى ساعتين ونصف ..

قبلت رأسها ، يديهآ وخديهآ وجثوت على ركبتي لأقبل قدميها ، كنت في حآلة إنهيآر لايعلم مداها إلا الله ..

رفعني أبي واحتضنني بقوة واخذني للسيارة ، كنت غارقة بدموعي وانا ارى السيارة تبتلع شوارع الريآض ..

يآآه يآطريق المطآر ، كم صيفاً كنت أنت بالأخص مصدراً لسعادتي وبهجتي ، لطالما رددت " أجمل مافيكِ ياالرياض مطارك اللي يطلعني منك "
اليوم مثل لي هذا الطريق جرح كبير ، وكيف لا وانا التي لم تتعود على فراق والديها مطلقاً ..

23 سنة مرت وانا لم أنم خارج بيتنا ، لا بيت عم ولا خال ولا جد ..!
كان ابي يسهر حتى مطلع الفجر واحياناً كان يمرني قبل أن يذهب إلى عمله ليعيدني إلى منزلي ..
انا التي لم أقدم على النوم خارج بيتها الصغير سأهجر ليس بيتي فقط سأهجر بلدي بكاملها .. إلى بلد آخر ، سأحيا بعيداً عن حضن أمي وحنان أبي ..!

مرت بي حياتي كشريط سينمائي .. منذ الطفولة وحتى الآن ، كانت حياة رغده كنت الطفلة المدللة حتى الترف ، ترى مالذي تخبئه الأقدار لي هناك ؟

هل سأحيا براحة ونعمة أم ستكلفني الغربة مشقة البعد ولوعة الحياة هناك ..؟!

وبالرغم من ذلك لم أكن خائفة منك مطلقاً ، انا فقط سأفارق أهلي ، أمي وأبي وغرفتي وبيتي وأهلي واقاربي وصحبي وصخب الحياة التي كنت أحياها ..!

وصلنا للمطآر ، وبعد أن تمت الاجراءات وانا التي كنت انظر لابي مذ ان خرجنا من البيت ولم تسقط عيني عنه مطلقاً ، امسكت بيده وقبلتها بقوة ، ثم احتضنته بعنف بالغ وبكيت .. بكيت حد أني شعرت بإن قلبي ودعني وعاد معه ..!

ابعدني عنه ، ثم ابتسم ابتسامة عذبه وقال : الحق علي انا كيف لا وانا الذي لم اكن أسمح لكِ بإن تنامي خارج البيت ، لو كنت أعلم لتركتكِ تسافري وحدك .

ودعني ، وودعك واوصاك بي خيراً والح بالوصايا وأطال ، ثم رحل ..

دخلنا صالات الانتظار ، كنت اتوشح الصمت لا بل أن الصمت توشحني .. ادركت أنت بفطنتك وعلو إحساسك بإني أكابد صراعاً داخلياً بين القرار والحنين ..

فوضعت يدك على يدي وقلت بصوتك الأجش : هذه الصالة تذكرني برحلتي الأولى ، كان يرافقني صديق لي ، اذكر أن حماس السفر غيّب كل شعور سواء خوف أو حنين مسبق او مخافة فقد او غيره .. حتى وصلنا إلى مدينتنا .. وبعد أن دخلنا غرف الفندق واستلقى كل منا على سريره وادركنا عظم الوضع وهيبته بكينا حد أننا امسكنا هواتفنا واتصلنا على اباءنا الذين صدموا من بكائنا وكأننا اطفالاً صغار ..
حتى أن ابي بعد أن هدأ من روعي قال لي ممازحاً " توّه يوصلك الكهرب ياوليدي " ..!

نظرت إليك ثم ضحكت بعد ان تخيلت المنظر الذي كنت تعيشه ، فقلت لك ثم ماذا بعد ..؟

استئنفت حواراك : لاشيء اكملنا المسير ، كانت الأيام الأولى صعبة بسبب جهلنا بالبلاد وسرعان مانخرطنا بالغربة ، وعجنتنا وشكلت مشاعرنا جيداً ..!

قطع نداء الرحلة حوارنا ، اتجهنا إلى البوابة وصعدنا الطائرة وكلاً اتخذ مقعدة ..
خلال الرحلة قررت أنت ان نتناسى كل شيء بما فيها من نحن كي نتغلب على طول الرحلة والمشاعر المختلطة التي ستعترينا خلالها ..

كانت رحلة جميلة ، حكيت لي خلالها مشاق السفر ومقالبه ، والكثير من الاشياء التي لم تسعفك فترة " الملكه " لقولها ..
وحكيت لك انا بدوري عما اعرفه عن البلاد الذي سنتوجه إليه ، وكيف كان صيفي جميلا هناك واني تمنيت ذات ليله ماطرة هناك بإن يرزقني الله العيش اياماً طويلة فيها ، واردفت ضاحكة بإني لم أتوقع أن تستجاب امنيتي وإلا لما تمنيتها اصلاً ..
لأرى رد فعلك الذي سرعان مارميتني به قائلاً : حتى أنا سبق أن مررت بشارعكم الذي ابهرني بفن عمارة البيوت المترامية على جانبيه فجزمت لأخواتي بإن زوجتي ستكون إحدى سكان هذا الشارع الفاخر ولو كنت أعلم أن الساكنات " بكائات " لهذا الحد لما تمنيت ذلك مطلقاً ..

مماجعلني اضحك كثيراً على أمنيتك العجيبة ، واستحلفتك بالله إن كانت حقيقة ام انها مجاراة لقولي ونكاية بي فقط .؟

فضحكت انت واحمرّ وجهك خجلا بعد أن قلت لا بل هي حقيقة واقعة حتى إني حين أتيت لبيتكم مع أبي لنطلبك صُدمت من ان بيتكم يقع في نفس الشارع ..!

كانت الرحلة سلسة جداً ومريحة لولا طول بقائي بالطائرة الذي جعلك تدلك قدماي بين الفينة والاخرى ملقبني بـ " العجوز " ، وكنت بدوري سعيدة بتدليكك لي وكيف لا وانا التي اشعر بالدم يسري بين عروقي واشعر بنشاط الدورة الدموية جراء تدليكك لساقي وقدمي ، بالوقت الذي اردت تنغيصي وتحريك مشاعري فقلت لي بـ " هااا ياخالة بشري وشلون رجيلاتس الحين عساهن احسن " ..!

كنت كريماً معي .. كريماً حد الإسراف ، فلم تبخل عليّ قط بنكته تضحكني ، ولا بتعليق يرسم الإبتسامة على وجهي ، ولا دفء يكسي مشاعري المتجمدة من البرد ، ولا ألفة تكسر بها شعور الإغتراب ، ولا حباً ينسيني الدنيا بأجمع ولايذكرني إلا بك ..!

أعلن كابتن الطائرة أن اربطوا الأحزمة فقد شارفنا على الوصول ..!
رفعت عيني نحوك مذعورة ، لا أعلم لما أصابني الهلع تلك اللحظة .. لكنك امسكت بيدي وهدأت من روعي واحتويت خوفي .. حتى توقفت الطائرة ..

رفعت غطاء النافذة لأطل على مدينتنا الجديدة ، كان الوقت صباحاً ، والضباب يكتسي المكان .. فقلت بعد ان امسكت بكتفي كي تجبرني أن اراك وكان بيدك شالا أحمر من الصوف بدأت تلفه حول عنقي : يبدو أن الجو بارداً فدرجة الحرارة 2 تحت الصفر ، حسناً هكذا أفضل ياحرمي المصون ، وأوثقت رباط معطفي وسمحت لي بالتقدم قائلاً : Ladies First

لم تبخل عليّ بالدلال ، ولم تشعرني مطلقاً بإني أصبحت زوجة لآبل نهجت نهج أبي وعاملتني كطفلتك الصغيرة .. كنت تخشى عليّ من لفحة الهواء الباردة ..

نزلنا من الطائرة ، وتذكرت جيداً بإني سأقيم هنا خمس سنوات ابتداء من اليوم ..!
فأنقبض قلبي ، إلا أني سرعان ماشعرت ببعض من الطمأنينة حين أحتضنت كتفي وقلت : المدينة ترحب بك على طريقتها هاهو الثلج بدأ بالتساقط ياسنووايت ..!



____________________________________

،

عنك الصبر { كذبة ..!



http://www.formspring.me/ryanah84
رد مع اقتباس