الموضوع: بٌحَةْ
عرض مشاركة واحدة
  #13 (permalink)  
قديم 02-11-2010, 04:32
الصورة الرمزية ريانة العود
ريانة العود ريانة العود غير متصل
ما للنجوم اوطان ..
 
بداياتي : Oct 2010
الـ وطن : بين الاقنعة
المشاركات: 450
تقييم المستوى: 14
ريانة العود is on a distinguished road
افتراضي رد: بٌحَةْ

،





كان الجو بارداً الثلج يتساقط من حولي ، اكتسى البياض ملامح المدينة ، نظرت إليك مطولاً ثم إبتسمت إبتسامة لم أعلم حتى هذه اللحظة ماالشعور المنطوي بين ثناياها ..

دخلنا المطار ، وبدأنا بإنهاء إجراءات الدخول ، ورغم بعض النظرات المرتابة بنا إلا أننا استطعنا أن ننهيها بسلام نسبيّ ..
توجهنا بعد ذلك إلى صالات الإنتظار حيث كانت الخطة بإن نقضي شهر العسل في إحدى المدن هناك ، ثم نعود لمقر دراستك ..

بقي على رحلتنا مايقارب الست ساعات ، بادرتك قائله : من الجنون أن نجلس ست ساعات هنا نتفرج على مختلف المسافرين ..! حاول أن تسلي عروسك الجديدة من فضلك وإلا وجدتني في إحدى الطائرات المقلعه خلال ساعتين ..!

ضحكت كثيراً وقلت : تنوين الهرب ..؟
قاطعتك : في حال نويت أن تبقيني ست ساعات أخرى اجلس على مقاعد الانتظار ..!
أي جنون هذا اريد أن امشي ، اريد بعضا من الشوكولاته ، اريد مشروباً ساخناً وقطعة كروسان ،واريد ايضاً ......

كنت أتمايل امامك كطفلة تتمايل على ابيها واشير بأصابعي واعدد عليها ما أريد .. فأمسكت أصابعي ولممتها بيديك والإبتسامة تعلو شفتيك وأستئنفت : حسناا حسنااا سنذهب لكل ما أردتي .. أنا فقط كانت نيتي تتلخص بإن تأخذي قسطاً من الراحه هنا بعد مشقة السفر ..

خرجنا من المطار ، وذهبنا لإقرب مجمع تجاري ..

قلت لك بإني لم أتوقع ان تكون العاصمة بهذا الشكل الجميل ، فرغم أشجارها العاليه المخيفه بعض الشيء إلا أنها جميلة امام الصورة الجامدة التي رسمتها بمخيلتي

ضحكت على وصفي لأشجارها وقلت بلهجتك العامية الثقيلة : " اجل وش تبين تشوفين شجر مقرضين كل معالمه مب مبقين الا غصون وكم ورقه .."

رفعت يدي وقلت : رجااء الا البلد ، فنحن لم نخرج من حدود المنطقة المحيطة بالمطار بعد ، اذن هناك احتمال كبير بعودتي للشجر " المقرض " واتركك وحدك هنا مع اشجارهم التي تشابه ناطحتهم إلى حد كبير ..!"

ضحكت أنت وبادرتني : وكأنك حديثة عهد على البلاد ، ولم تقضي صيفين متباعدين فيها ، وصوائف عديدة في بلدان أخرى ، هممم قولي بربك مالبلد الذي لم تزوريه .؟"

اخذتنا الدردشه حتى شعرت ببعض الجوع واشرت عليك بإن نجلس لنأكل ..

كان الاكل عبارة عن قهوة وكرواسان وشوكولاته لي ، اما أنت ففضلت الكيك على الكروسان مع قدح من القهوة ..

رأينا طفلاً تائهاً يبكي اماماً ، فلفتُّ إنتباهك نحوه وحين أردت القيام إليه لأرى إن كانت امه هنا ، أمسكت بيدي ومنعتني من فعل ذلك ..
دهشت من رد فعلك الملح والصارم ، ويدك الممسكه بيدي بحزم ، فنظرت إليك غاضبة وقلت : انظر إليه انه يبكي ، انا فقط سأهدئ من روعه بماء وقطعة شوكولاته وستأتي والدته لا محالة باحثة عنه ..!

إلا أنك زممت شفتيك ورفضت ذلك قائلاً : دعيه ولاتنظري نحوه ، هم سيقومون باللازم ، لايوجد مكان للإنسانية هنا .!!

اذكر أني استشظت غضباً من قسوتك وقلت : لا أكون إنسانة إن خليت من الإنسانية ، كيف تريديني ان اتجاهل صراخات طفل تائه ومن أجل ماذا من أجل ترهات لا أصل لها ..!

رميت بنظرك بعيداً عني ولزمت الصمت ، في الوقت الذي كنت فيه اشتاط غضباً ..

توتر الموقف بيننا كثيراً ، تمنيت لو أن ابي علمك بعض الطرق التي تجدي في امتصاص غضبي وحنقي .. او الاسلوب المتبع معي حين يريد ان يثنيني عن فعل امر ما ..

وضعت يدك على يدي وثملتها واعتذرت ..
تفاجأت من مبادرتك تلك وانا التي كدت أبكي بسبب مااجتاحني من شعور تلك اللحظة مابين احتياجي لأبي وقسوتك المفاجئة ونقيضها مبادرتك بالإعتذار ..

ارتبكت وفضحت ملامحي ارتباكي وحاولت أن اغطي كل تلك المشاعر بإبتسامة صغيرة مرددة : لآبأس .. حصل خير .

طوقنا الصمت بيديه، بعد أن كنا نتحدث ونضحك .. لكنك قطعته بإن قلت : لم أمنعك إلا لمصلحتك .. فكونك مسلمة عربية كل هذه اسباب لربما تقودك نحو حتفك الذي كان ظاهرة وباطنة انساني بحت ، دعي كل مبادئ الانسانية جانباً ، ابتعدي عن مبادئ الصداقة ، ابتعدي عن المشاعر مع الاخرين هنا ..

هنا تعاملي بعملية بحته اقصي المشاعر بعيداً ، في الغربة يظل الغريب غريباً مهما حاول ان يتقرب من الاخرين ، لا بل ان التقرب من الآخرين هو مايقود بنا إلى النهاية ، لايثمر التقرب بشيء سوى النميمه او الحقد او الوشاية او غيرها ..!

هنا تعلمت ان ابقى وحيداً ، انام وحيداً اكل وحيداً ، ادرس وحيداً ، اعمل كل شيء وحدي ولا الجأ للاخرين ..!
يوجد زمالات عديدة لكننها لاتتعدى مفهوم الزمالة ليس اكثر ..

القريب هنا يوقع بكِ حين الأمر يتعلق بالمصلحة الشخصية ، فكيف الغريب الذي تم حشو عقله بأفكار سوداء عن ديننا ، هويتنا ، بلدنا ، كل تلك الأشياء تمثل عقبة لك امام الغريب والقريب ..

فالأول ينفر منكِ مخافة أن توقعيه بمكروه او تريدي به سوءً ـ والاخر يفر إليك مخافة أن تتفوقي عليه فيوقعك بمكروه ويريد بك السوء ..!

كنت منصته إليك .. وصوت داخلي يردد : مالجنون الذي اتى بي لهنا .. ترى هل سننجو بجلدتنا وستمر هذه السنوات بسلام ..!

تعوذت من وساوس افكاري ورجوت الله كثيراً ان لاتتعدى مرحلة الوساوس ..

لا أنكر انقباض قلبي جراء ماسمعته منك .. حاولت أن اعود لطبيعتي وضحكي لكني لم أستطع ذلك .. لزمت الصمت طوال الوقت .. حاولت عبثاً ان اشد انتباهي بالمحلات التجارية لكني فشلت ..

امسكت بهاتفي .. عاودت الاتصال بأبي الذي اتى إلي صوته هادئاً مريحاً ، وكعادته
اوجس بحس ابوّته بإن طفلته يشوبها شيئاً .. حاول أن يتقصى عن الأمر بطريقته لكنه اخفق بسبب تحفظي على الأمر

شعرت بخوف أبي فصدحت : قالت لي أبعد أبعد .. ففهم أبي الشفرة واكمل ترى في الجو غيم وضحك كثيراً على جنوني وتملصي منك بالغناء ايضاً ..

التفت نحوي مبتسماً واردفت بعاميتك .. " أجل لا قالوا كوكب الشرق ماكذبوا ، والله منتب هينه ياابونوره ..! كملي كملي " ، وكنت واقفاً مبتسماً مشجعاً لي بإن أكمل متشوقاً بإن تسمع المزيد

لكني اردت أن اشعرك بالخيبة كما فعلت أنت فقلت " تعاملي بعملية بحته وابعدي المشاعر جانباً ، اخشى ما أخشاه أن يظنوا بغنائي سوءً وأنا اريد السلامة !.."

صدمت حينها وقلت : اجادة أنتِ !!

فأجبت : لا هزلاً !، نعم جادة ثم تأخرنا على موعد الطائرة لنذهب الآن ..

رمقتك خلسة ورأيت الحاجبين عُقدا والشفتان زُمتا والنظرات احتدت فشعرت بنشوة الإنتصار تعتريني ..

وصلنا المطار ، وشرعنا بإنهاء اجراءات الدخول لقاعة المغادرين ..
وحين جلسنا على المقاعد كنت ذا مزاج عكر سيء جداً ، لا أعلم لما ؟ لربما كان يراودك شعور داخلياً بإنك ارتكبت ضرباً من الجنون حين أتيت ومعك طفلة مدلله عنيدة بهذا الشكل ..!

كنت اضع رأسي على كتفك واحاول ان اتكهن بمزاجك الذي جزمت بسوئه المفرط بسبب تصلب جسدك .. تنحنحت ثم بدأت بالغناء بصوت منخفض :

كلمه حلوة وكلمتين حلوة يا بلدي غنوه حلوه وغنوتين حلوة يا بلدي
املي دايما كان اني ارجعلك يابلدي وافضل دايما جنبك علي طول
وذكريات كل اللي فات فكره يا بلدي قلبي مليان بحكايات فكره يا بلدي


كنت اغني بشجنٍ صادق لبلدي الذي تركت .. حضن أمي .. حنان أبي .. دفء ارضي .. بكل نبض بي شعر ببرودة الغربة وقسوتها لأول وهلة ..

رفعت رأسي نحوك لأرى تقاطيع وجهك التي لانت ، لكنها مالت إلى الحزن .. امسكت بيدي واحتضنتها وقلت : كل ما أخافه أني استأثمت بك حين أتيت بك إلى هنا ..!

فضحكت رغم دمعاتي المخفيه وقلت : لا تخاف أنا بخير ، وطالما أنت معي فإني منساقة إلى الخير حتى لو كنت تسوقني لحتفي فهو خير ..!

قطع حديثنا النداء لرحلتنا .. فتوجهنا نحو البوابة واتخذنا مقاعدنا في طريقنا إلى أول أيام شهر العسل ..!!



____________________________________

،

عنك الصبر { كذبة ..!



http://www.formspring.me/ryanah84
رد مع اقتباس