الموضوع: انـ/اسـ | تفاضة
عرض مشاركة واحدة
  #1 (permalink)  
قديم 07-11-2010, 11:32
بلاتينْ بلاتينْ غير متصل
بِقدرِ أُنمُلَة
 
بداياتي : Nov 2010
المشاركات: 14
تقييم المستوى: 0
بلاتينْ is on a distinguished road
افتراضي انـ/اسـ | تفاضة





طَرقتْ بابي تَنوحُ كانَ الشتاء يُجمّد دماء العروق و مدامعَ الأَعين ، أفسحتُ لها بساطَ أُذنيّ فـ انهالت تَحكي تارةً و تَقبض قلبها براحتها تارةً ، أبصرتها تتحدثُّ كتائهةٍ تَسلكُ كلّ الدروب لتصل إلى دربها التائه عنها أيضاً .
بكت ذنوبها على شرفتي ، صافحتها رغمَ تواطئها مع الذّنب الذي أتحاشى أنْ يُطوف من حولي ، كانت تشدو الذّنب حكاية لا تمل من ترديدها و أملّ من سماعها :
- أتغرّب كلّما لَوّح لي صوته بِأُغنيَته الشّهيرة و كُلّما سمعتُ صَدى زِحام المُسافرين حين انتفض جَسدي الهَزيل بَين أصواتهم المُثخنَة بانفعلاتٍ قدريّة ، و انسَلخت ذاتُ الهَوى منّي حينَ ترجّل صَغيرُ الوَداع يَشُد ساقي نَحوهُ و أنا أُتمْتِمُ : بُعد المسافات ياصغيري قَدري فَكيف لي أَنْ أعصي قدري و أُمزّقَ لَوحي ؟
صوتهُ فاكهتي المُحرمّة التي ما هَضَمْتُها ذات اكتفاء للحَدْ الذي يُزهر جَسدي برائحتها الفوّاحة ، كانَ يُلّوح من بعيد بِتَذكِرَتِه و كُنتً قَد استبدلتُ عينيّ بأُذنيّ لأحويَ أكبر قدر منَه ، كانت تردداته تَغمرني كنتُ أتنفسه عن بُعد كُانت شفتاهْ تُحدثني حديثها الأَخير و كنتُ أَسمع بِعيني مَوجاتها لاهثةً تِجاهي مُرتَطِمةً مراراً بِصدري وفي كلّ كرةٍ تتشبّث قدماي أرضاً مخافةَ السقوط ، كنتُ لا أَحتمل ثقلها و في كلّ مرّة كُنت أدعو أن يختل اتزانَها ليصيب عابرةً أُخرى ، هل لَكِ أنْ تَتخيّلي كيف لَه أَن يَجثوَ فوق صدري بِصوته ؟
قبض على بابِ المدينة و أدار القفل المرة تلو المرة و هجر وجهي دون أن يستسقيني عفواً دون أن أسأله إجابةً ، رحل و ما ارتحلت معه ذاكرتي و أنا التي أقمتُ في مُخيلتي بيتاً ملائكياً تحفّه خيالاتي البريئةُ به ، أقمت له مكتباً فاخراً و كرسياً أسود كسوادِ شعره و شُرفةٍ ذهبية تدنو منها روائح الياسمين و مائدة تتسيّد مُخيلتي حُفر على قيعان كؤوسها و أيدي ملاعقها أسماءَنا لم تُحفَلْ مُخيلتي بِصالات للضيوف لم أنوِ أنْ يُقاسمني إيّاه ضيفاً عابراً ، في طابقنا العلوي خلقتُ أعشاشاً صغيرة حانية تأوينا و تأوي نوارسنا من بعدنا ، لم أنوِ أن يتنفسنا الهواء فَلم أشقْ النوافذ لم أنوِ أن تسرقنا الريح أشياءنا و تَذرو أعشاشنا يا عُشّي الجميل! ، في الدّركِ الأَسفلِ من مُخيلتي قُبرت نُبُؤاتي السّيئةُ بِك و شِبَاك المُستحيل و كلّ الأوراق التي تّذيّل بحظٍ أوفر .
رحل و ما أطلّع على مخيلتي الشرهةٌ بِه ، رحل .. أتدركُ أمرأةً مِثلُكِ لا رجلٌ أقتفى عطرها معنى رحيل رجلٌ من حياة إمرأة فَتصير دائرةٌ مُفرغةٌ ؟
بعد ليلتي التقليدية تِلك عُدتُ تاركةً لساني خلفي و أهملته فكنتُ من الصائمين عن الكلام و شهوات الحديث ، تركَ أغلبهُ بَل أكثره على كراسي العائدين كان عُربون شَفقة هكذا أظُن و أنا مَع غَمرة التوديع نسيتُ أَخذهُ أو أَهملتهُ عمداً هكذا أظن أيضاً ، تذكرتُ ذلك حين هَممتُ بِتقليب ألبوم الطفولَة ، و لأوّل مرة أُبصرهُ بِعينٍ البائعة الحَذِقَة ذات الحسن و المَنطق ، و لأوّل مرة أيضاً أنتَبِه لندبَةٍ بَشعة يَسار ذِقنه كانت قَد تمنع أيّ حسناء من التفكير بِه كَمعطفِ شتاء ، صُورتنا و هو يَشّد شَعري كانت مُبكيَة حد أنّ البُكاء كان يَبكي من ذاتِ نَفسه و كأنّه مذ الصّغر بطَنّ ليّ بِئسَ الجزاء ، صورتَه بعيدِ ميلاَده السَادِس و كعكَة التوت كانَت كفيلَة بأنّ تكون منديل يَمتص بَلَل المشهد الآتي سلفاً .
كنتُ أمرضُ في كلّ جولةِ رحيل فَأضمحل و أتقزّم أرضاً بينما خيباتي تبني شواهقها أعلى جسدي ، فَكبرتُ خيبةً و تلاشت أنايْ فلم أجدني في حاضرِ أيّامي .

* من قال أنّه أَقلعْ ؟ فَهو في أرضكِ البُور مُسافر مُقيم مُواطن مَنفي و لكنّنا كثيراً ما نَستغني عن بعضٍ من أجزائنا لَنُكمل الحياة بشكلٍ آمن ،أنا أدفعكِ لأن تدفنيهِ بكِ لتَعيشي ، أتعينَ ما معنى أنّك قَد تُحرمينَ حقّ العيش ؟ ، كان لزاماً عليكِ استئصاله دون جزيةٍ أو تبرير لإيماني التّام أنّ من التبرير ما هو حُفرَة بمقاسِ حُفرتين / خَيبَتيْن تَزيدنا لوماً و سوءَ عاقبَة .
- معهُ كُنت لئيمة أُفكّر كيفَ لطوقِ النجاةِ أن لا يَطلق سَراح خاصرتي النحيلَة كنتُ أَحشوني بِه كُانَ هُو رَغيفَ فَراغاتي ، و نَجَوت .








رد مع اقتباس