عرض مشاركة واحدة
  #1 (permalink)  
قديم 24-01-2011, 00:30
البيان البيان غير متصل
السمو
 
بداياتي : May 2008
الـ وطن : نبض الحجاز
المشاركات: 193
تقييم المستوى: 0
البيان is an unknown quantity at this point
افتراضي نماذج إنترنتية فاسدة !

لا أعتقد أنني سأضيف جديداً إذا قلت أن هذا العالم المتشابك الألوان والظِلال قد أُبتلي حقيقة بالكثير من النماذج السيئة , والغريبة , والتي تنطلق من منطلقات غاية في السوء والغرابة . تلك النماذج التي كثيراً ما نصطدم بها في واقع حياتنا اليومية , أما في العمل , أو في الشارع , أو في السوق , أو في أي مكانٍ آخر . تضيف عبئاً جديداً من أعباء الحياة الكثيرة . وتعيس الحظ هو من يرميه قدره في أحضان تلك النماذج , الأمر الذي يحتاج معه صاحبه إلى قدر كبير من المهارات للتخلص من تلك النماذج .
قال أستاذ مرموق من أساتذة كامبردج " أن من ضمن هواياته اليومية أن يتجنب أعداداً من المتسولين المحترفين , ومن المدمنين , ومن المجانين الذين يجوبون الشوارع ! "
حسناً ! لا أعتقد أننا نتجنى على الحقيقة إذا أضفنا إلى قائمة " الأستاذ المرموق " أعداداَ أخرى تجوب ممرات , ودهاليز عالم الإنترنت أو كما يعرف بالعالم الافتراضي , هذا العالم الذي أصبح شئنا أم أبينا حقيقة لا يمكن بأي حال من الأحوال إنكارها أو تجاهلها . هذا العالم الذي منح معشر العرب أجمل الهبات والهدايا ألا وهي " حرية التعبير " إذ أنه أصبح في زمن القمع السياسي , والاقتصادي , والاجتماعي الذي يُمارس ضد المواطن العربي هو المُتنفس , وهو المنبر حيث لا منابر !
هذه الثورة الإلكترونية الجديدة التي حملت للمواطن العربي حق ممارسة حرية التعبير بعيداً عن لغة خذوه فغلوه , وبعيداً عن مقص الرقيب الذي لا يصدأ ولا يبلي ! وبعيداً عن معزوفة الجهات المسؤولة , وغير المسؤولة ! , أقول برغم هذا كله إلاّ أن هذه " الثورة " أفرزت ضمن ما أفرزت من عجائب وغرائب بعض السلوكيات البشرية السيئة أو الفاسدة إذا أردنا الدقة .
تلك السلوكيات , أو الممارسات التي تتوارى حقيقة وراء شخصيات مُحطّمة , ومحِطّمة للقيم العليا والنبيلة . هي ذاتها الشخصيات الفاسدة , والمريضة , التي نصطدم بها في عالمنا الحقيقي , إلاً أنني أعتقد أنها في عالم الإنترنت تصبح أكثر خطورة بسبب ارتدائها الكثير من الأقنعة المُضللة , وتسترها تحت الكثير من الثياب البرّاقة والزاهية !
وأنا هنا , ومن خلال هذه السطور المتواضعة سأحاول إزاحة الستار عن بعض تلك "الشرائح الادعائية !" من باب التفكير بصوتٍ عالٍ لا أقل من ذلك ولا أكثر .
فأما الشريحة الأولى فهي التي أستطيع تسميتها بـ " الشريحة الجاهلية " وهي تلك الشريحة المتمثلة في أدعياء الثقافة , وحرّاس الفضيلة , ومروجي الشعارات البرّاقة الذين يملئون ممرات ودهاليز الإنترنت ! هذه الشريحة وإن كان لا يوجد لديّ إحصائية بذلك إلاّ أنني أكاد أجزم أنها تمثل الغالبية العظمي من بين تلك الأنماط الادعائية فهي تدّعي القيم والمبادئ والمثل العليا تحت ضوء الشمس, وتتخلّى عنها في جنح الظلام ! تلبس الفضيلة نهاراً , وترميها ليلاً ! تدعو للطهر والعفاف جهاراً وتنتهكهما سراً , وخلف الأبواب المغلقة !
ولنا مع هذه الشريحة وقفة لمحاولة تلمّس الأسباب والدوافع التي أوجدت لنا هؤلاء .
حقيقة الأمر لن أغوص في نظريات " الشيخ فرويد " وأعزو الأسباب كما قال إلى الصراع الأزلي بين الأنا السفلى , وهي الجانب الحيواني في الإنسان , والذي يجرّه إلى مستنقعات الشهوة حيث الارتواء من الرغبات الآنية , والأنا العليا , وهي الجانب الروحي الذي يطلب من الإنسان اللحاق بصفات الملائكة الروحية الطاهرة , ولكن سأكتفي بما قاله " علماء النفس" في تحليل هذه الشخصية , عندما أشاروا إلى وجود أسباب نفسية تضرب بجذورها في أعماق هذه النوعية من الشخصيات , وأهم تلك الأسباب هو ضعف الشخصية , والشعور الدائم بالنقص , والتربية الخاطئة التي تساهم على نحو أو آخر في إخلال التوازن الطبيعي للشخصية , بالإضافة إلى الحاجة , والفقر , و الطمع , وغيرها من الأسباب التي تحتاج إلى بحث قائم بذاته .
ولكنني أستطيع بكل يسر وسهولة تأصيل الموضوع من الناحية الدينية بالعودة إلى أنواع النفوس البشرية التي ذكرها القرآن الكريم , وهي النفس المطمئنة , والنفس الأمّارة بالسوء , والنفس اللوّامة , وربطها مباشرة بالأفعال والسلوكيات المُمارسة من قبل البشر . وإذا تقصينا في البحث عن الدوافع المباشرة وغير المباشرة لهذه الشريحة التي تمارس الازدواجية بشكل غير واضح بالنسبة لنا , نجد أن هناك خلل إيماني كبير في تركيبة هذه الشخصية , هذا الخلل أستطيع أن أقول بأنه عبارة عن أنموذج مصغر " للمجتمع الجاهلي ! " ذاك المجتمع الذي كان يمارس الفواحش بالسرّ , وكان أكثر ما يزعجه , ويؤرّقه , و ينفر منه هو المعاصي , والفواحش الظاهرة والعلنية , ولهذا جاء البيان القرآني الحاسم بتحريم كل الفواحش ما ظهر منها , وما بطن , ثم أردف هذا البيان النصوص النبوية الكريمة التي أكدّت على هذا المعنى , ويكفينا في هذا الجانب الاستشهاد بالعبارة النبوية الخالدة عندما قال عليه الصلاة والسلام : " الإثم ما حاك في نفسك , وكرّهت أن يطلع عليه الناس " .
وبهذا نصل إلى نتيجة مفادها أن هذا النموذج المحمّل بالعاهات النفسية بالإضافة إلى الإرث الجاهلي يحتاج مع العيادات النفسية المتخصصة , إلى جرعات دينية مكثفة تساهم في القضاء على هذه الظاهرة المتفشية في العالمين الحقيقي , والافتراضي .

يتبـــع .
____________________________________

" أقبح الاعذار في التاريخ هي التي تُساق لتبرير موت الحُبّ "
رد مع اقتباس