حتى أنتظر كلمة القدر .. بدوت أتقلب على موج قاسٍ جداً .. مرة أقول " سأفعل كذا " .. و
أخرى أقول " بل سأفعل كذا " .. و بعدها أقول " لن أفعل بل سأنتظر " ..
صعب أن يكون قرار أصدره أنا فقط . صعب أن أصدر قرارات وحدي . و كلما حاولت أن أجد
أصواتاً تساعديني أجدهم جميعاً يقولون " على راحتكِ " ..!



هذه الحياة لغز صعب ، و أنا لا أحب التعمق بالألغاز ، أشعر بالتعب سريعاً و أقلب الصفحات
حتى أصل للأخيرة فأغش الحل . لكن و أنا هنا في هذه الدنيا كيف سأعرف الحل ؟ وسط
لغز كهذا مجبرة أنا على العيش معه و فهمه .. أبدو كحشرة عملاقة نضجت لكنها مازالت في
يرقتها يصعب عليها التحرر ...

لن أقل ( أريد أن أموت ) حتى لا يتم اتهامي بالكفر .
فقط أريد أن أقول .. متى تحين ساعتي ؟! .. متى ينتهي
هذا الأمر الذي يطوقني .؟ ..
أنا أنتهي إلى وجه آخر لا أعرفه و جسد آخر و فكر آخر و دموع طعمها مختلف جداً ..
أن تكون حزين يعني أن تشتم كل نسمة هواء تقترب منك ، يعني أن تسيل دمعتك
مجرد أن يسألك أحدهم " شفيك ؟ " ، يعني أن تتأمل عين طفل و تتخيل أنه يضحك
عليك ، و تمشي في الطرقات و أنت متأكد بأنك مجرد شبح لا أحد يبصرك سواك و
القدر .
أن تكون حزين يعني أن ترتدي الأبيض و أنت تراه أسود ، و تصفف شعرك و كأنك تغادر
لجنازة ، يعني أن تتناول المشروبات الساخنة معتقداً بأنها سبيل مميز لتهدئة صراعك،
يعني أن تقرأ قصيدة حزينة معتقداً بأنها ستتشرب حزنك .
أن تكون حزيناً ، يعني أن تكون عنيد ، يعني أن تقول بأن الجميع لا يهتم لك ، يعني أن
تصفق باب غرفتك بقوة ، يعني أن تطبخ وجبة دسمة لمدة ساعة و أنت لا تشعر بالجوع
، يعني أن تتأمل قائمة الأسماء في هاتفك النقال ، يعني أن تتأمل المرآة و كأنك تقابل
عدواً .
أن تكون حزيناً ، يعني أن تعترف سريعاً بأي شئ .. مثلاً بأن الأرض كرة تنس قذرة أو بأن
الكل تغير و أنت تكذب أو مثلاً بأن شروق الشمس إشارة لعناد القدر ، أن تكون حزيناً يعني
أن تتحول عجوزاً يثرثر بأشياء لا تنفع العالم و لا الرياضة و لا حتى بوش .. عذراً .. أوباما .
أن تكون حزيناً يعني أن تكون ميت خارج الوقت لفترة لتعود فتجد الجميع ذهب عنك ..
أن تكون حزيناً يعني أن تكون ثمل ..

هذا النور يزرع السم في جلدي .. ليحيلني نثار طين .
أحيانا الاستيقاظ صباحاً لا يكون سوى بـ التمدد على الفراش و تأمل الساعة ، لكن أن يفتح
النائم عينه متأملاً الساعة قائلاً .. " اففف عدتُ للأيام مجدداً .. " . أقوى الألم هو ذاك الذي
يرميك وسط النور و الظلام و يتركك فيغادر ... لا تعلم متى يعود ، لا تعلم إلى أين ذهب ، لا
تعلم ماذا سيحدث .
أنا الآن في هذه اللحظة كائن تائه ، لم ينفع معه قانون التجاذب . و ليذهب " السر " إلى أقرب
سلة حاويات . لا شئ يدعو للقوة حولي ، لا الأريكة التي أجلس عليها و لا كتبي . لا هاتفي
و لا سيارتي . لا أمي . لا أخوتي . لا أفكاري و لا حتى أنا ... لا أحد .. حتى الشمس لا أضمن
نورها الذي يمكن أن أستيقظ يوماً و أجدها تختبئ خلف السحاب .. عموماً لتختبئ فأنا لا
أهتم لها .. يُقال أن النور بدواخلنا هو من يعكس نوره على الشمس .. و هذا صحيح ، فداخلي
الآن رصيف مهترئ يسامر جدار قربه و بقعة هناك يقطر منها أو عليها / لا أدري .. سائل كالزيت.
لذا لا أهتم للشمس لأنها لم تأخذ شيئاً مني .



وعندما عدت للحزن .. هرب الشتاء ..

أين البرد الذي يُقال عنه ؟ أين الارتعاش الذي يصفونه ؟ لا أجد شيئاً سوى حر .. .
أنا أتخبط بين اليمين و اليسار ، أبحث عن يد واحدة تنتشلني لكني لا أجد سوى وجوه تقول
" لا أدري " . وجوه مترددة ، أو وجوه ممتنعه ، أين الطيبون ؟ أين المحبون ؟ جميعهم .. اندثروا .!
هذا وقت الانقراض إذا .. و مادامهم انقرضوا .. فمتى أنقرض ؟! ..