عرض مشاركة واحدة
  #1 (permalink)  
قديم 17-03-2009, 12:30
الصورة الرمزية بوح السكون
بوح السكون بوح السكون غير متصل
وابيضت عيناه من الحزن
 
بداياتي : Mar 2009
الـ وطن : في غياهب الشتات
المشاركات: 18
تقييم المستوى: 0
بوح السكون is an unknown quantity at this point
افتراضي وعندما يسقط الدبوس .. تحين ساعة الرحيل



















عندما يسقط الدبوس من فضاء البوح الممتلئ نزفاً وشجنا ..

إلى مكان وزمان أعرفني فيه حيث بدأتُ ..

لا يهم كيف سقط الدبوس .. ولا من أسقطه .. وماهو سبب سقوطه ؟؟

بقدر ما يهمني لماذا جئتُ إلى هنا وما هي الظروف التي هيئت لي المجئ الى هنا ..

آه .. تخرج محمومة من أعماق قلبي وترجو من يسمعها ..

و أنا على يقين أن لا أحد سيسمع ذلك الآه و إن كان مصدرهُ الروح ..

آه تتحشرج أناتها من شفة عرفت وجربت معنى الألم ..

إنسان كُتب عليه مكابدة الأحزان منذ أن نُفخ فيه الروح ..

أحزان ربما تعادل مساحة شاسعة من ظلام الكون ..

دموع كثيرة حارقة .. تحرق بقايا إنسانيته ..

ليالي من الحرمان ..

من علم الحرمان أن لا يأتي إلا لمن وُلد من رحم الأحزان ..

ألا تكفي تلك الليالي الحالكة التي قضاها وحيداً في ظلمة الأحشاء ؟؟

ألا تكفيه الوحدة التي تجرعها تسعة أشهر مابين رفثٍ وعظم ؟؟

حتى يصارع أحزانه بين ظلمة الحياة وظلمها ..

سيدي \ سيدتي من أسقط الدبوس ..

هل تعرف من هو بوح السكون ؟؟

مؤكد أنك لا تعرفني لأني أصلاً لا أعرفني !!

ولكن أعرف لما أسقطتَ الدبوس !؟

أنا أفهم !!

أفهم جيداً لغة الإشارة .. ولغة السقوط .. و ( لغة الطرد )

أعلم اني كنتُ أثقل عليك بشجني ..

أعلمُ أن حزني فاح برائحة كريهة فقشعَّرَ بها فرحك ..

وجعلك تمارس مع شجني لغة السقوط ..

مما أشعرني أن المكان ليس مكاني ..

والشجن ليس شجني ..

وأن الحروف حولي لم تعد تشبهني وأن مدن أحزاني ما عادت تتسع لك ..

آه .. اسمع صوت الدبوس يأن في أذني ..

يمزق بقايا الحروف .. بقايا غربة محطمة ..

أنا يا سيدي \سيدتي ممزق ..

وأي أضحوكة يمارسها القدر كأنه كان يمهد لي الطريق ..

عندما بدأت أشعر بإسمي كنت استغرب كثيراً ما معنى اسمي ؟..

ولماذا كنت اشعر بحزن عندما كنت أراه هكذا ( بوح السكون ) !!

أكان الإعصار بعد السكون أو كان الإستعداد لمواجهة المصير المحتوم !!..

كل ليلة كنتُ أمر هنا في (بوح ) ..

آه كم كان لونه الأسود الخافت يثير فيَّ شجوني ..

لأن سواد لونه يشبهني تماماً ..

كنتُ أرسم شكلي هنا حتى يحس بي أحد ..

كنتُ أريد أن أحداً يشاطرني أحزاني ..

يحملُ بعضاً من حِملي ..

يمسح قطرة من دمعي ..

لكن للأسف لا أحد ..

عمري الآن التاسعة والعشرين عاماً ورجولتي لقد خبأتها في أدراجي ..

الغبار يملئ روحي والسنين العجاف لم تجعلني حتى التفت لنفسي ..

جسدي الذي طمر واضمحل مؤقتاً ..

أنهكت ذاك الجسد وذاك العقل في دراسة الطِب ..

وقلي بربك ماذا جنيتُ منه سوى ضياع العمر ؟؟

أنا الآن مبتعث في كندا طلباً في مزيد من العلم ..

وأي علم سيطلب من ذاك العقل الذي ضاع في غياهب الشتات !!

لكن لا مناص لابد من تحقيق رغبة أبي رحمه الله تعالى ..

كم أعاني قسوة جسدي الذي علمني إياه زماني وقدري..

أبدو كصخرة لا تشعر بشي صخرة صماء لا يوجد فيها ملامح ..

مشاعر مصابة بزلزال مدمر وأشياء جوفاء..

عندما تشعر وهكذا مشاعر يعني انك فقدت قيمتك كإنسان له كيان ..

ما جدوى الحياة وهكذا مشاعر ؟؟

جسد يسير نحو قبره ..

جسد بلا روح .. بلا قيمة .. بلا معنى

بلا أي شيء ..

فقط … جسد محطم .. ممزق الإحساس ..

انسان بلا عنوان بلا هدف ..

وعندما يحاصرك الألم فإنك تبقى أسير له أسير كما لم تكن ..

كيف يتعايش المرء مع ألمه ؟؟

مجموعة من الآلام تحاصرني هذه اللحظات ..

وأنا أضم حزني عليَّ وعلى نفسي وعلى غربتي في بحور اللجة والضياع ..

أشياء كثيرة تمر بمخيلتي وأنا محاصر بقيود أحزاني ..

من يا ترى يشعر برجل باع نفسه كسلعة لا قيمة لها من أجل دنيا تافهة !!..

تخرج آآآآآه من جوى الأعماق تكاد تشق صدري من حرقة لهيبها دموعي ..

آآآآآه حارقة كأنها نيران تستعر في مآقيَّ ..

تعبت .. تعبت من نار ليس لها دخان ..

حطبها جسدي النحيل ..

إنني أرمقني بنظرة حنونة وفيها دموع لكني أمسح بيدي دموعي وأبتسم نصف ابتسامة ..

وأظل في حجرتي تخنقني آلامي التي تمزقني حيناً وتبعثرني حينا ..

أتأمل جروحي في وجهي الذي يبدو لي كلوحة بها أخاديد لا مرئية ..

لا أعرف هل المرآة تقول الصدق أم هي تكذب !!

لم يظل شيء في هذا الزمن لم يكذب ..

صارت الأشياء لا قيمة لها وهي معي ..

لكنني لا أستمتع بها لأنني فقدت متعة الشعور ربما ..

حيرة تسكن غربتي الكئيبة ..

كأنها ترمقني أجواءً تذكر القهر يملئ جيبي ويجعلني أبكي بحرقة فقدي لنفسي ..

كم هي لعبة الأيام صعبة على من مثلي ..

منذ أن وُلدت وأنا أعرف لغة كل قهر ولغة كل حرمان لم أعرف يوم طعم الفرحة أبدا ..

وما عسى أجوائي أن تبعث من فرح وكيف لي بفرح وأنا رجل خلقتُ من رحم الأحزان ..

كيف لي أن أعرف معنى أن تضحك من كل قلبك وأنا مغروس في حضن الألم..

أعود لوسادتي التي دائماً تحتضنني كأي مارد يحضن لهبا ..

واسكب عليها بعضاً من دموعي ...

لكني أبدو كأني قادم من أزمنة سحيقة ..

والفراش يحضنني كأنه قبري الذي دائما ما يضغط عليّ كلما أردته لي راحة ..

وأظل أعاني وأعاني حتى تخرج شمس يوم جديد ..

وماذا يحمل لي هذا اليوم لا شيء سوا مزيد من الجراح التي تسكن في رأسي وضلوعي ..

كم أئن من رعشة ضلوعي وكم يبكيني أنيني ..

حتى النوم ما عدت استطعمه أنام وأصحو اليوم كسابقه من الهم والوجع والحزن ..

آه ما عدت أحتمل طول ليالي الشتاء ..

كل ليلة أتقلب فوق سريري استجدي أوجاع جسدي..

ارتجف لا غطاء يحتويني ..

لاشيء سوى دموع تملئ وسادتي وسرير يشتكي أنيني ..

ليل عرفني وعرفته جيدا ..

اسألوا نجمات السماء هي تعرفني كم كانت ترعاني وأرعاها ..

اسألوا الغروب الحزين الذي في كل يوم أودعه قبل ان يرحل..

الثلج والمطر هم من يشعرون بي ..

هم من تعود وجودي معهم …

حزن .. بكاء .. أشياء تختلج في داخلي ..

أنا رجل الأحزان اقترب من الضوء كفراشة لكي احترق ..

لكي امسك بالجمر وأدفئ لا بد أن احترق ..

ويجب عليّ أن لا اصرخ ليس من حقي الصراخ !!

لكن من حقي أن أصرخ بصمت ..

سيدي \ سيدتي هل جربت يوماً أن تنام وأنت تشتهي سد جوعك ؟ ..

إخماد صوتاً يئن في معدتك يقطّع أحشائك..

أيادي تحمل سكاكين تمزق أمعاءك ..

تصور جرب أن تنام وأنت في خاطرك أمنية صغيرة لا تتحقق ..

شعور بالعجز .. بالضعف .. ينتابك ليحول بقاياك لجحيم يمزق أوصالك ..

أيام وليالي كنت اعزف على أوتار جوعي ..

أكان ذنبي أن يموت أبي وهو الذي لا يملك من الدنيا إلا بيتا قديما متهالك ..

وتسكنه الرطوبة وتعيش فيه الفئران تمرح وتسرح فيه ..

بيتا جدرانه تبعث في نفسك الخوف ..

اسمنت يود افتراسك ..

ابسط أنواع العيش لا يوجد فيه ..

أكان ذنبي أن يكون بيتنا وهكذا صورة إذا هطل المطر يصبح المطر علينا وابل يسكن معنا في غرفنا

من يتحمل أن يعيش هكذا عيشة انها سيوف من الأيام تطعن في خاصرتي..

انها رماحا تقطع أضلعي..

دموعي ما عاد لها قيمة لأني سكبتها كآخر قطرة حزنا على أمي التي ماتت هي الأخرى ..

ليصفعني القدر مرة أخرى كأشد صفعة ..

دمرت فيّ أبراج كانت ستعلو ..

أن تفقد أمك التي كانت لا تملك إلا أنفاسها المحروقة حزنا على أبي ..

تشعر بالضياع بالغربة بالوحدة بأشياء لا تكاد تتصورها أو تمر بتفكيرك ..

كانت الأيام الأولى لفقدها كوابيس!…

ما عدت اعرف هل اضحك أو ابكي..

أو أي شيء اصنع أنا الذي منذ ولادتي عرفت معنى أن أكون أسيراً لأشياء لا ذنب لي فيها..

ومع كل هذا الألم تعلمت كل لغات الصبر ..

لا يوجد لغة للصبر في هذا الكون لن اعرفها كل قواميس الصبر حفظتها ومارسنها بإتقان شديد ..

كان الشتاء بالنسبة لي جحيم لا يطاق البرد يلعب بي كما يشاء ..

ضلوعي كانت تعزف ألحان ارتجافاتي

لا لحاف .. لا دفئ ..

لا احد في هذا الكون كان يشعر بي وبخوفي من المجهول..

الخوف يجعلني أسير للموت في كل لحظة ..

الشعور بالخوف من ماذا من مجهول يفترسني..

وليته يفترسني لأرتاح من ما أنا فيه ..

أي حياة هذه التي كانت تغريني في السير فيها نحو النهاية المحتومة وأي أيام تنتظرني..

هيا يا موت اهجم عليَّ مارس عشقك فيني ما عدتُ أرغب في هذه الحياة..

انه البؤس .. انه الحرمان .. انه كل لغات البؤس والضياع..

آه كانت ترتسم في عيوني بوضوح وأنا انظر في المرآة النصف مكسورة تتأمل في وجهي لقد شاخ ..

لقد ارتسمت أخاديد فيه آهات من التجاعيد..

عندما يصل بك ياسيدي \سيدتي قطار الحياة لمحطات ممتلئة بروائح نزف ..

إلى مكان وزمان لا يشبهك ..

عندها فقط تكون قد عرفت معنى الوحدة ..

الوحدة ماذا تعني لك الوحدة ؟

ماذا تعرف من مفردات الوحدة ؟

ماذا تعرف من قاموس الوحدة؟ ..

انها الوحدة ؟!

في كل مرة احاول ابعادها عن نفسي وخاطري ..

لكن صفة الوحدة .. أنا ..

مهما افترقنا لابد وأن نلتقي في مكان ما ..

وأي زمان ..

غرباء هم من حولي ..

أعرفهم ... لكنهم لايعرفوني ..

لغاتهم مختلفة .. عقائدهم مبهمة ..

حاولت التحدث اليهم والإختلاط معهم حتى بالتحية ..

شعور يلازمني اني فرد بين أفراد ضائعون متفرقون ..

كلٌ يعيش في ملكوت آخر ..

تتقاطر دموعي ليتها تجدي ..

بل تزيد من عذاباتي ..

أذهب الى الجامعة كل صباح ..

أراهم مسرورين بصباحاتهم .. أرى الفرحة تطير بهم ..

ترانيم البهجة تملأ قلوبهم ..

الكُل يستقبِل صباحه بحديث عن البورصة وآخر الصيحات في التكناوجيا وعن وعن وعن !!

أتطلع اليهم بوجه شاحب ..

أكون في عالمٍ أخر انُظر عبر نافِذة القاعة ..

عيناي تُحملِق في القادم والأتي ..

لا مشاعر تكتسي وجهي .. سوى الشحوب !!

أمد بيدي إلى أعماق حقيبتي ..

أخرج كتابي ..

أفتحُه .. أضمه الى صدري !!

انزوي وحيداً في زاوية القاعة ..

فلا أرى غير وحدتي .. وأنا ..

غربة وأي غربة ؟؟

تتراكم الهموم ..

تتلبد الأحزان ..

أبحث عمن يحدثني عني ..

يمسح قطرة من دمعي ..

لا أحد !!

يمر اليوم ..

أخرج من الجامعة ..

أطلق قدمي في أدراج الضياع ..

أتسكع الشوارع ..

أجوب الطرقات والأزقة ..

أأخذ حفنة من الثلج ..

أمرغه على صدري ..

وأعود لمعتقلي ..

أنا .. هو !!

وهو .. أنا !!

هكذا هي تراتيل حياتي ورتابتها ..

آه و آه و آه ..

ماذا أقول لك بعد ياسيدي \سيدتي ؟؟

أشعر بالتعب الآن من كثرة البكاء ..

لا أستطيع أن أرى الكلمات فقد اغرورقت عيناي بالدموع ..

سيدي \سيدتي ها قد حان وقت " الرحيل " !!

وادعو من الله ان لا التقي بكم إلاَّ في الجنة ..

لكم مني فائق الود ..

سبحانك اللهم و بحمدك .. أستغفرك و أتوب إليك ..





وفي الجنة نلقاكم










حرر في 20 ربيع الأول 1430 هـ
الساعة الثالثة فجراً ..

كندا ..




____________________________________









ايتها الروح ..
انتظري لحظة ..
لأجمع شتاتي و أوقده ..
علكِ تتدفأين بي ..
فأنا بكِ \ بدونك مجرد شتات ..
لا أملك غيري ,,



رد مع اقتباس