الموضوع: أصبحت حاسدا ً
عرض مشاركة واحدة
  #6 (permalink)  
قديم 27-11-2010, 22:47
الصورة الرمزية كاتب عمومي
كاتب عمومي كاتب عمومي غير متصل
كلما فهمت تعبت !
 
بداياتي : Aug 2009
الـ وطن : الرياض
المشاركات: 197
تقييم المستوى: 0
كاتب عمومي is an unknown quantity at this point
افتراضي رد: أصبحت حاسدا ً

توطئة متأخرة

فلسفة الحسد تدور حول الصراع مع إلغاء القيم تماما . دون وضع أي اعتبار لها . فالحسد ليس أمر يقع خارج منظومة القيم والأخلاق وحسب . إنما يعمل على تحييد القيم والأخلاق تماما ، وشطبها من قاموس الصراع والتنافس . وخطورة هذا النوع من الصراع المبني على هذه الفلسفة . أنه يمثل دمار مؤكد للإنسانية. إن عملية تحييد القيم في أي نزاع أو صراع ستؤول إلى جرائم وضغائن وحروب ودمار على مستوى الأفراد وعلى مستوى الجماعات .
أما الطموح ، والرغبة في تحقيق النجاح ، والتنافس والصراع الذي لا يلغي القيم والأخلاق ، ولا يحيد دورها في عملية التنافس والتسابق ؛ لا يمكن اعتباره من الحسد . إنما يدخل في دائرة التدافع الذي يعمل على تنمية الحياة ، وعمارة الأرض ، وتطير واقع البشرية مع الوقت . والخسائر في هذا النوع من التسابق والصراع لا تصل إلى تدمير البشرية وشقائها ؛ بل هي خسائر معقولة ومقبولة أمام المكاسب التي تجنيها الإنسانية من هذا الصراع المحمود ..
وهنا تبرز أهم نقطة في الموضوع ..
مالمعيار الذي احتكمنا إليه لتحديد الفرق بين الحسد والطموح ؟
إنها الأخلاق والقيم
إن الأخلاق والقيم معيار مهم جدا يقع حدا فاصلا بين مفاهيم الشر والخير . الحق والباطل . الإفساد والإصلاح . وإن أي فلسفة تدعو لتحييد القيم والأخلاق هي فلسفة لا تخلو من فكرة الحسد المقيت ، الذي يلهب الصراعات البشعة بين البشر ويورث الحروب والطبقية والفقر والشقاء للناس . وتلك هي فكرة أغلب الفلسفات الحديثة . وأنا أستغرب أن هناك من يجد حساسية من سماع كلمة الحسد . ويعتبر الشخص الذي يتصف بهذه الصفة شخص أناني ومقيت . بينما لايجد غضاضة حين يسمع عبارات عن الفلسفات الحديثة التي تبرز اليوم مثل الفلسفة المادية أوالنفعية أو فلسفة الرجل الأعلى عند نيتشه على سبيل المثال . والتي ترتكز بشكل أو آخر على قدرة الإنسان على السيطرة والنجاح دون اعتبار للقيم والأخلاق . بل إن الأخلاق والقيم تعتبر قضايا غير محسوسة وغير مفهومة لتلك الفلسفات ، وعليه لا ينبغي الإستناد لها لأنها في نظرهم متغيرة وجدلية وغير ثابتة !
والحقيقة أن هذه الفلسفات - وكما تفعل الفلسفة دائما - تحاول أن تجعل من الشواهد التي تقف حجر عثرة في طريقها ، شواهدا متغيرة ماورائية غير مفهومة ولا محسوسة ولايمكن أن يرتكن إليها . ليس لشيء إلا لأنها تـُصعّب في نظرهم عملية الوصول إلى نتائج مادية ملموسة . وياللأسف يتجاهلون الخسائر الفادحة التي يحدثونها في الطبيعة وفي الإنسان وفي الحيوان نتيجة تلك الرغبة الجارفة في الإنتاج والحوسلة لمدخرات الأرض والإنسان أيضا .
وماذا نتج بسبب هذه النظرة للحياة الخالية من القيم والأخلاق . غياب الهوية . غياب العدل . بروز مفهوم السياسة الدولية الذي يرتكز على المصلحة والمنفعة وبالتالي تدور القيمة وتدور الأخلاق حول المرتكز النفعي البراجماتي . ونلحظ لذلك أن القوي يزداد قوة ، والغني يزداد غناء . بينما في المقابل يزداد الضعيف ضعفا وفقرا وجهلا وتبعية . هذه هي الفلسفات التي تحرك الدول والمنظمات الاقتصادية العالمية اليوم . في نظام رأس المال . لا مكان لللقيم . السوق مفتوح للاحتكار وللظلم ولرفع الأسعار ، ولسحق صغار المستثمرين ، ولسيطرة وتحكم من يملك أكثر . وكأنها حالة تمثل المقولة الشعبية المصرية (( معاك قرش تسوى قرش ممعاكش ماتسواش )) وبالتالي تغيب قيمة الإنسان كقيمة ماورائية روحية ، وتضيع مكانته الآدمية مع هذه الموجة المادية المسعورة . ولا يبقى له إلا أن يكون حسودا جشعا يتمنى تكسير خصومه والفوز بالنصيب الأكبر من المادة .

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت .. فإن همو ذهبت خلاقهم ذهبوا


ولذا تمثل القصة السابقة الشخصية العصرية التي تصنعها الفلسفة المادية اليوم ..

تحياتي
____________________________________



عندما رأيت زهور " الدافاديل "
في منتصف يناير
ادركت انك ابتسمت
هذا الصباح !

(( يغيب عن ذاكرتي صاحبها ))
رد مع اقتباس