العودة   مُنتدياتْ بوُووح الأدبيهّ > سَـيُحـذفْ المنـقـولْ > مِتَى صَارْ الوفَاءْ كِذبَهْ !!

مِتَى صَارْ الوفَاءْ كِذبَهْ !! مسَاحـةْ مِنْ الحُريَـةْ لِرِوَايَـتُـكُمْ .. و يَومِياتِكُمْ

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1 (permalink)  
قديم 08-02-2010, 02:13
الصورة الرمزية كاتب عمومي
كلما فهمت تعبت !
 
بداياتي : Aug 2009
الـ وطن : الرياض
المشاركات: 197
تقييم المستوى: 0
كاتب عمومي is an unknown quantity at this point
افتراضي مليحان ومرعى الخرابيط

.

كيف سيعود ( مليحان) اليوم إلى قبيلته ، بعد أن حصل ما حصل ، وبعد أن أضاع نصف القطيع والفحل ( مطارد ) في مراعي القبائل المجاورة ؟
كيف سيفسر كل الأحداث التي توالت عليه ؟ بماذا يمكنه أنه يقنع الشيخ ( هزاع ) الذي كان يحط من قدره لأتفه الأسباب ؟ لايتخيل منظره وهو يسمع خبر ضياع ( مطارد) ..

تحت ظل صخرة صغيره ، جلس مليحان متأبطا راسه بيديه ، وجهه شديد السواد إثر عناء هذا اليوم الحافل بالمتاعب .
قذف بعصا رقيقه على الأرض . و بحركة وكأنها لا إرادية مدد ساقيه للأمام . ثم أغمض عينيه ..
بقدر ماكان منهكا ، بقدر ماكان مهموما أيضا. إنها المرة الأولى التي يسمح له الشيخ أن يخرج بقطيعه كاملا دون رفقة معلم الرعيان . لقد أكد مليحان للجميع قبل ذلك اليوم ، أنه لم يعد بحاجة لمن يرشده على الرعي . وكان يردد في اجاباته الحاسمة أمام الشيخ " لو تبون أرعى حلال القبيلة كله ماعندي مشكله " . بدوره الشيخ كان يبرطم بشفتيه حين يسمع هذه اللغة الحاسمة من ( مليحان ) في اشارة للسخرية وايحاء بعدم الثقة !

رعاة البادية ، كانوا يعتقدون أن مليحان يمكن أن يفيد في أي شيء عدا رعي الحلال . الرعي كما يذكر أحدهم " يحتاج لوليد فطين ونبيه ، ومليحان ماش " أما آخر فكان يصف مليحان بزكاة الرعيان والوحيد الذي أثبت فشله في هذه المهمة . أما في الليالي التي كان الرعاة يجتمعون فيها للسمر ، ويلتفون حول النار على شكل دائرة ، وحين يصخبون وترتفع أصواتهم ، يقوم ( عمير ) بعد الحاح من الحضور ، بتقليد حركات ( مليحان ) وهو يطارد الأغنام من جهة والإبل من جهة أخرى ، ينتهي المشهد بضحك هيستيري و ( عمير ) يقول بصوت يقطعه الضحك " هذا الوليد حمار ناقصه ذيل "!

الذين شاهدوا ( مليحان ) فجر ذلك اليوم وهو يحرك القطعان أمامه في زهو ، أكدوا للشيخ ( هزاع ) أن ( مليحان ) كان في حاله غريبه لم تلاحظ عليه من قبل ، حيث رأوه يضحك مع نفسه بشكل ملفت للنظر ، يؤكد ( وضاح ) أنه رأى ضروسه الكبار تلمع مع بريق الفجر ، ولم يرى معه غير كلبه نباح الذي كان يسير بمسافه قريبه منه ؟!
أما الشيخ ( مشيط ) والذي كان يجلس بجوار الشيخ هزاع ، ويسمع ما يقوله الرعيان عن آخر مشاهداتهم لمليحان ، قال وهو يقبض لحيته القصيرة بأصابعه " وكاد الوليد ممسوس ، ومحدن درى بعلته " .. التفت الشيخ هزاع ، وقبل أن يرد نظر للسماء قليلا ثم قال " الولد تأخر ، وقلبي على الحلال ، أما مليحان فعزالله إن علومه خريط سريط "!!

.
____________________________________



عندما رأيت زهور " الدافاديل "
في منتصف يناير
ادركت انك ابتسمت
هذا الصباح !

(( يغيب عن ذاكرتي صاحبها ))
رد مع اقتباس
  #2 (permalink)  
قديم 08-02-2010, 02:16
الصورة الرمزية كاتب عمومي
كلما فهمت تعبت !
 
بداياتي : Aug 2009
الـ وطن : الرياض
المشاركات: 197
تقييم المستوى: 0
كاتب عمومي is an unknown quantity at this point
افتراضي رد: مليحان ومرعى الخرابيط




" وهبه " كما كان يسميها مليحان .تقدمت بخطوات سريعة حتى وصلت عند رأسه . ثم بدأت تلعق كتفه الأيمن هذه المرة . على أنفاسها الدافئة بدأ مليحان يفتح عينيه ، وأخذ يجول ببصره هنا وهناك . كان يشعر بفتور كبير ، وباحباط يكاد يجعله لا يكترث لأي أمر . نظر من جديد لـ (وهبه ) ثم صرخ : " وش تبين يالملعونة ؟؟"

لم ترد ( وهبه ) بأي تصرف ، كانت كما جرت العادة ، تبعبع أكثر من مرة ، وربما تقفز في اشارة للتحدي والعناد المستمر بينها وبينه . هذه المرة ؛ لعلها شعرت أن الموقف لا يحتمل أي اساءة أو مزاح طائش .

بصوت فاتر ، بدأ مليحان يتجلى ، وينثر همومه لوهبه وللصخور والمراعي من حوله " هالمسعور صاحبك بسوي الزيط والزمبليط ، وش أقوله الحين ؟ الفحل ( مطارد ) اللي ماينام الشيخ الين يتأكد ان علومه كلها زاهبه ، انحاش الماخوذ ورى ناقة جازتله بالمرعى اللي حولنا !! ، قولي ياوهبه ، وانا شسوي إذا كان ( مطارد ) مثل صاحبه ما يفكر إلا بخصاويه ؟؟.."

الآن جلست وهبه ، وكأنها تود أن تصغي أكثر ، فالحديث الذي يدور مختلف ، ومليحان يبدو أيضا مختلف هذا اليوم عن الأيام السابقة ..

أكمل مليحان بصوت محتقن " لا وبعد نصف الحلال من خوياتك مادري وين سرحن ؟ ياويلك يامليحان ويلاه. عز الله غدوبك الرياجيل ، الماخوذ هزاع بحملك كل المشكلة ، لزوم انه شيخ قبيله وانت راعي مخيس .. آآخ ياوهبه ، الشيوخ اليوم ، مايعرفون من الشيخه إلا لبس البشوت المذهبه ، وسراويلهم من داخل مليانه طقاع .. كل الل يحكونه خرطي في خرطي ، يطلبون من الناس الأمانه وهم أكبر خونه "

اتكأ على حجر عريض بجانبه ، وبعد أن استكمل وقوفه ، صفر بطريقه متقطعه ، ثم التقط عصاه من الأرض وبدأ يشير لما تبقى من القطعان بالتحرك أمامه . قال وهو يسير بخطوات ثقيله ، ووهبه تسير حوله و تستجر بعض من الأعشاب في فمها " تدرين ياوهبه ..انا بانصاه على طول ، باروحله واللي يصير يصير .. هزاع المهايط هذا شيخك ياوهبه وشيخ اللي مثلك ، أما مليحان اليوم خاربها خاربها .


يتبع بإذن الله
____________________________________



عندما رأيت زهور " الدافاديل "
في منتصف يناير
ادركت انك ابتسمت
هذا الصباح !

(( يغيب عن ذاكرتي صاحبها ))
رد مع اقتباس
  #3 (permalink)  
قديم 08-02-2010, 11:36
الصورة الرمزية غمآمة حلم
.
 
بداياتي : Dec 2009
المشاركات: 4
تقييم المستوى: 0
غمآمة حلم is an unknown quantity at this point
افتراضي رد: مليحان ومرعى الخرابيط

,


متآبعة لجمآلك

مودتي لك سيدي...
رد مع اقتباس
  #4 (permalink)  
قديم 09-02-2010, 09:16
الصورة الرمزية وَنَّـة خَفوقْ،
" م ـوتٌ ' و ' م ـيلآد "
 
بداياتي : Jan 2007
الـ وطن : فبرآيرْ قديمْ ،
المشاركات: 1,603
تقييم المستوى: 19
وَنَّـة خَفوقْ، is on a distinguished road
Exclamation !

،

كثيراً ما كنتُ أتساءل ما الذي يُثير إهتمام والدي بِ أفلام ال " cowboy"
أو حتى قِصصها القصيره التي تبدوا أحياناً ذات نمط واحد لا يتغير أبداً ،
كان يكفي أن أفهم أن المُتتبع فقط من يستطيع أن يلمح المغزى في الأحداث إن كان فِعلاً يُريد أن يفعل ذلك ولم يكن والدي ليشرح لي ذاك أبداً،

و ها نحنُ أيضاً نفعل نفس الشئ ولكن بذات طابِع يُشِهُنا فقط ،
لَ رُبما نتمنى أن نلمس ذاك هُنا يا كاتب .


____________________________________

كَمْ بَدت السماءُ قريبـ ة *
رد مع اقتباس
  #5 (permalink)  
قديم 09-02-2010, 12:10
الصورة الرمزية كاتب عمومي
كلما فهمت تعبت !
 
بداياتي : Aug 2009
الـ وطن : الرياض
المشاركات: 197
تقييم المستوى: 0
كاتب عمومي is an unknown quantity at this point
افتراضي رد: مليحان ومرعى الخرابيط

غمامة حلم ،
أهلا بك ياعزيزتي
مرور عطر

العزيزة / ونة خفوق ،
القصص التي عانقت الصحراء أو الأرياف أو الناس البدائيون كانت أكثرها تأثيرا ونجاحا ، ربما - والله أعلم - لأن شخوصها أكثر حركة وأكثر صدقا واحتكاكا مع البيئة والطبيعة ، بينما الإنسان العصري صار يقترب من أنظمة الأجهزة لمعقدة التي يتعامل معها ، وبات أكثر تعقيدا وتشويشا ، وبالتالي يظهر في القصة أو الرواية بنمط ثقيل معقد ، أحيانا يصعب فهمه أو التماهي معه ..

وجهة نظر
أشكر لك آرائك الجميلة الملفتة للذهن دائما
تحايتي وأكثر
____________________________________



عندما رأيت زهور " الدافاديل "
في منتصف يناير
ادركت انك ابتسمت
هذا الصباح !

(( يغيب عن ذاكرتي صاحبها ))
رد مع اقتباس
  #6 (permalink)  
قديم 14-02-2010, 05:16
الصورة الرمزية دِيسمّبر ،
ودَاع وكلمَة التودِيع آسفْ !
 
بداياتي : Aug 2006
الـ وطن : { لَندنْ / اللاوطنْ }
المشاركات: 2,306
تقييم المستوى: 10
دِيسمّبر ، تم تعطيل التقييم
افتراضي

أسعَد الله صبَاحاتكم بكل خَير ,
الـ صَديق / كَاتب ,
صَديقي وصديقنَا وصديق مليحَان ,

أنت رَجل وصلت من مَرحلة الثقَافة والنُضج مايكفي لأن تُجيب على تساؤلي التَالي :
- هل بالإمكَان ياصديقي أن تُصنّف لي وللقراء الأعزاء تصنيف الموضوع السَابق ؟
و هل هو دَاخل تحت دائرة الأدب ؟

وسأعُود لأكمل بعد ردكم حَفظكم الله ,
تحيّة تقدير بقدر موضوعك السَابق ,
____________________________________


الـوَقت يمُر ولكُل شَي لابُد [ نهَـاية ] !





يمكن إحسَاسي خَلَصْ !
ميهَاف / الحَنين ولاغيره أحد ،
رد مع اقتباس
  #7 (permalink)  
قديم 17-02-2010, 17:07
الصورة الرمزية كاتب عمومي
كلما فهمت تعبت !
 
بداياتي : Aug 2009
الـ وطن : الرياض
المشاركات: 197
تقييم المستوى: 0
كاتب عمومي is an unknown quantity at this point
افتراضي رد: مليحان ومرعى الخرابيط

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صقر بنْ محمّد , مشاهدة المشاركة
أسعَد الله صبَاحاتكم بكل خَير ,
الـ صَديق / كَاتب ,
صَديقي وصديقنَا وصديق مليحَان ,

أنت رَجل وصلت من مَرحلة الثقَافة والنُضج مايكفي لأن تُجيب على تساؤلي التَالي :
- هل بالإمكَان ياصديقي أن تُصنّف لي وللقراء الأعزاء تصنيف الموضوع السَابق ؟
و هل هو دَاخل تحت دائرة الأدب ؟

وسأعُود لأكمل بعد ردكم حَفظكم الله ,
تحيّة تقدير بقدر موضوعك السَابق ,

ياصباح الخير والسرور أخوي صقر ،

لكم أحترم الكثير ممن يهتمون بالنواحي الذوقية والأخلاقية فيما يدخل تحت عنوان الأدب ، وأرى بكل صدق وتجلي معك أن معهم كامل الحق لما يولون هذا الأمر من اهتمام ، بيد أنني - وبكل أمانة - لا أجد نفسي قادرا على كتابة سطر واحد إذا كنت سأبدأ وبذهني قائمة طويلة من القوانين و الموانع ، ولا أعني بأي حال من الأحوال ، أن يصبح القلم وسيلة لنشر الإنحراف أو الرذيلة ،أو أن يغيب الرقيب الذاتي ، إنما - وبفهمي المتواضع جدا - أعتقد أن القصة أو الرواية وحتى الحكاية ، هي إيحاء واحساس صادق لما يدور حولنا ، وشعور حقيقي به ، وبالتالي نقله للقارئ على هذا النحو ، بعيدا عن الإنخراط في الوهم أو المثاليات أو الشخصيات الورقية التي لا يمكن للقارئ حتى أن يتخيلها ولو لوهله !
كيف أصنف هذا المكتوب أعلاه ؟
بربك ، كيف أصنف هذا المكتوب أعلاه ، وأنا أضعه في منتدى القصة أو الرواية !
وهل يقع ضمن دائرة الأدب ؟ نحتاج هنا - أيها العزيز - الاتفاق أولا على مدلول مصطلح الأدب ؟ فيظهر لي - والله أعلم - من خلال اسقاطك للكلمة في السؤال أنك تقصد الأدب الذي يقف بخط متوازي مع حسن الخلق !
وعلى هذا النحو ، أؤكد لك جازما ، أنني لا زلت في طريق الحياة الشاق ، أعمل على اعلاء هذه القيمة في نفسي فأنجح مرة وأخسر مرات ..
الأدب كمصلح نقدي وثقافي- و كما أفهمه- ولن يزعجني أبدا لو صححت لي هذا الفهم ، قد يكون أحيانا في كلمة بشعة جدا ،وربما سوقية وقذرة . تستخدم في المكان المناسب ، وللشخصية المناسبة ، فتتحول إلى كلمة أدبية ذات زخم ايحائي كبير .( هذا الكلام تختص به الرواية بالذات ) .
ليس من الطبيعي ياسيدي المحترم ، أن يضع الكاتب شخصية نزقة وخبيثة ولئيمة - على سبيل المثال - في قصته ، وحين تتلكم هذه الشخصية تتلفظ بألفاظ جميلة ومؤدبة ، أو حتى ألفاظ عادية !! بالتالي تصبح الشخصية أشبه بشخصية الشرير في أفلام كرتون الذي أقصى ما يقوله فيها (( أيها الغبي ، أو اللعنة !!!)) ، ذلك أن قصص الأطفال وحدها التي يمكن أن تؤثر في عقلية القارئ |، ولا يمكنه التمييز بين الشخصيات وحقيقتها في الواقع ، وبالتالي تكون مساحة الرقابة أضيق بكثير لاعتبارات عقلية وعمرية ، لا أعتقد أن منتدى مثل بوح يواجه مشكلة شبيهة بها ..
أعلم أني أطلت ، لكنني أستغل هذه المساحة للتوضيح ، إذ أنني شعرت بتضجر البعض من بعض الألفاظ هنا ، فلك خالص الشكر حيث كنت السبب في ردي هذا .

دمت بود
____________________________________



عندما رأيت زهور " الدافاديل "
في منتصف يناير
ادركت انك ابتسمت
هذا الصباح !

(( يغيب عن ذاكرتي صاحبها ))
رد مع اقتباس
  #8 (permalink)  
قديم 18-02-2010, 04:11
الصورة الرمزية كاتب عمومي
كلما فهمت تعبت !
 
بداياتي : Aug 2009
الـ وطن : الرياض
المشاركات: 197
تقييم المستوى: 0
كاتب عمومي is an unknown quantity at this point
افتراضي رد: مليحان ومرعى الخرابيط



مرعى الخرابيط يعد أكبر المراعي في واحة ( المريخه ) ، هذا جعل من أصحاب المراعي الأخرى يؤكدون أكثر من مرة للشيخ هزاع أن الحلال الذي يخرج من مرعى الخرابيط إلى المراعي المجاورة لن يعود مرة أخرى ، ويصبح على حد وصف شيخ شمل ( الشلافيت ) " حلالا بلالا لمن جاهم ، ورزقن من الله أرسله لهم " !!
لذا كان الشيخ هزاع حريص كل الحرص على هذه النقطة من الإتفاقيات الشفهية ، والتي تربط المراعي بعضها ببعض . فبالرغم من حصول مرعى الخرابيط على مساحة أكبر إلا أن تهديد خروج الحلال للمراعي المجاورة يجعل المعادلة صعبة . لذلك كان الرعاة في المراعي المجاورة ، وبايعاز من مشايخهم يقفون بالمرصاد لأي بهيمة شاردة تدخل ضمن حدودهم . وفي الوقت نفسه لا يلقون بالا لو دخلت قطعانهم بالخطأ لمرعى الخرابيط . إذ أن القليل من التدخل والمفاهمات يحل المسألة دون ضياع قطعانهم !

هكذا كانت تسير الأمور ، وهكذا كان الجميع يحترمون هذه " الملازيم " كما كان يطلق عليها المشايخ . أما ماحصل مع مليحان في ذلك اليوم . فهو سلسلة من الأحداث المفاجئة المتتالية والتي عقدت الأمور وجعلتها متشابكة ومتشعبة ، ويصعب على عقل مليحان التفكير في حلها .

فمنذ اشراقة الصباح ، وبعد ن أعدت له ( أمي وطفه ) " الدوح الساخن " ولفته في خرقه بيضاء ، ثم أكدت عليه أن يربطها في " دسماله " قبل مليحان يدي والدته وهو يقول :" إن شاء الله يايمه إذا صار عمري مثل عمر ( صنيتان ) إني أشريلك ناقة يسمع فيها القاصي والداني ، بس ادعيلي يايمه " .
قالت وهي تضع يدها على البرقع في علامة للدهشة " ويه يامليحان ، خلك من الناقة الحين ياوليدي . حلال النشامى وأنا أمك لا يروح من بين عيونك " . وفي حركة بهلوانية معروفة عند البدو . قفز مليحان وهو يصيح " آآ بك . أفا يالعلم ، النشامى ما يلاقون أطلق من مليحان على حلالهم ".
ردت ( أمي وطفه ) بنبرة مشجعه " كفو ياوليدي . توكل على الله الدنيا سفرت "

انطلق ذاك الصباح ، وهو يتبختر ويغني بأهازيج وشيلات طويلة . من يرى مليحان في تلك اللحظات ، وخطواته الطويلة التي يتخللها بعض الوثب ، وتلك القطعان التي تتموج أمامه من الأغنام والإبل . يتصور أنه يتحرك بجيش عرمرم من الجنود والألوية . ولولا صرخات ( وهبه ) المتقطعة ، ومطاردة ( نباح )- الكلب الأسود النحيل - لها . لكان المشهد أكثر إثارة وعظمة !
في ظل هذا الزخم . توقف فجأة وأشار ( لنباح ) بإشارة يعرف المراد منها . هنا لم يكن من ( نباح ) إلا أن استسلم وبرك على الأرض مطأطأ الرأس . وكأنه ينتظر من مليحان أن يوبخه .
قال له مليحان وهو يلوح عصا رقيقه بيده " أنت يانباح كلب شيطان . تارك النياق اللي عليها الكلام تسرح وتمرح ، وماوراك إلا وهبه ، هالعصا والله لأشمخك بها ، عود جاي على الحلال . بسرعه !"
عندما انطلق ( نباح ) بسرعة لتنفيذ أمر الراعي . شعر مليحان بنشوة عارمة . لم يتمالك حينها نفسه فوجد أن شفتيه تتباعد وضروسه الصفراء تبرز للخارج !
قال وهو يضرب الأرض بطرف عصاه " اليوم يومك يامليحان ، ومعلم الرعيان خله يشرب حليب أمه إذا مالقاله شغل !"


يتبع بإذن الله
____________________________________



عندما رأيت زهور " الدافاديل "
في منتصف يناير
ادركت انك ابتسمت
هذا الصباح !

(( يغيب عن ذاكرتي صاحبها ))
رد مع اقتباس
  #9 (permalink)  
قديم 15-03-2010, 23:45
الصورة الرمزية كاتب عمومي
كلما فهمت تعبت !
 
بداياتي : Aug 2009
الـ وطن : الرياض
المشاركات: 197
تقييم المستوى: 0
كاتب عمومي is an unknown quantity at this point
افتراضي رد: مليحان ومرعى الخرابيط

.
على بعد كيلومتر تقريبا من واحة مريخة ، وفي المنطقة التي تتلاقى فيها عدد من التلال ، ثم بمسافة صغيرة ،تتفرع العديد من الأودية ، حيث تنبسط الأرض انبساطا كاملا حتى كأنها منصة كبيرة ! توقف مليحان شامخا على أحد التلال وكأنه تمثال يتحدى موجات الهواء المتدافعة ، أما الحلال فقد انتشر على مد بصره ، بتلك المنطقة المنبسطة .
ثوبه القصير ، المرقع ، المليء بآثار الغبار ، ووسخ الأغنام . قطعة القماش التي يلفها على وجهه ، ويحرص أن يربطها تحت ذقنه . نعلاه الباليتان ، والعصا الرقيقة التي يزمها بين أصابعه . لون وجهه القريب من لون الصخر . بدا كل هذا وكأنه على موعد مع نزوح الشمس .
وضع يده على خده ، ثم رفع عنقه لأعلى درجة ممكنة ، وبدأ ينشد بنبرة عالية جدا أشبه بالعويل ، تناقلت الرياح صوته بين الأودية ، كل الأحداث المتوقعة والغير متوقعة ، استعرضها في هذا الغناء الأشبه بالنشيج . ( وهبه) في تلك اللحظة بالذات ، كانت تركض في اتجاهات مختلفة ، و بسرعة أكبر من المعروف عنها . بدت وكأنها تشارك مليحان هذا الفلكلور العريق .
البدايات الفاشلة أقسى ما يمر به الإنسان . من يصدق أن البداية المحطمة هي الدافع للإنجاز والنجاح ؟ من يسوق هذا الوهم بين الناس؟ يتخيل كمية الازدراء التي سيحظى بها من جديد بين قبيلته ، وكم سيتسلى الرعاة بفشله ، الرعاة ، آآه .. رفقاء المهنة . الوحوش التي تنتظر لحظة سقوطك لتنقض عليك دون شفقة . ( مليحان ) لا يفهم هذا كله ، إنه غارق في لحظة حزن . ولحظة يأس . ولا يعرف كيف سيكون مصيره بعد أن يفقد مهنة الرعي؟!
ازدادت ظلمة السماء . وتوارت الشمس خلف الرمال . ومازال مليحان هادر في أهازيجه !
بدا على القطعان الحيرة والخوف ، نتيجة بقائها في هذه البقعة حتى هذه الساعة ، إذ أنه في مثل هذا الوقت بالضبط . من المفترض وصولها للموقع المعد لها في مرعى الخرابيط .
نباح ، استلقى يائسا على الأرض . ومد لسانه وكأنه يسخر من كل الآخرين من حوله . أما وهبه فوقفت أمام مليحان ، كتلميذ مطيع أمام معلمه . كانت ترغب إقناعه بالتحرك ، أو تود أن تفهم هل يرغب من القطعان أن يمضوا بقية الوقت في هذا المكان؟!
وبطريقة مفاجئة ، وبعيدة عن التدرج ، أنهى مليحان هذا النشيد ، وضم شفتيه . استدار أخيرا باتجاه الواحة ثم بدأ المشي دون أن يشير إلى ( الحلال ) بأي حركة ، ودون أن يوجه لها أي أمر . بدوره نباح قفز خلف صديقه . وصاح في القطعان بقوة والتي انطلقت هي الأخرى بسرعة نحو طريقها المعهود .
الذين كلفهم الشيخ هزاع بالبحث عن مليحان والحلال . عادوا الى الشيخ بشكل متتابع كل منهم يبشر الشيخ بوصول مليحان أولا . وأكدوا جميعا أنهم رأوا مليحان عن مسافة بعيدة في الظلام ، وهو يتقدم القطعان . وأنهم حسب توجيهات الشيخ لم يقتربوا منه ولم يكلموه ، كما أنهم لم يحددوا هيئته أو ملامحه بدقة نتيجة الظلام الدامس .
قال كميخ في أسلوب مليء بالسخرية والاستهزاء :
(( أول مره نشوف راعي يمشي قدام الغنم مايمشي وراها . ياناس الولد مايسرح مع ثنتين نم الغنم )).
رد صلبوخ محاولا ايقاف ما يمكن أن يتطور اليه الحديث :
(( الزموا السكوت ياالطيبين ، الشيخ هزاع كله ولا الحلال .. ما يعرف يمه ارحميني . ولكل شي علاج وآخر العلاج الكي ))
ازداد تجمع الرجال عند الطرف الذي ينتظر دخول مليحان منه إلى المرعى . وكانت دقائق الترقب يتخللها العديد من الشتائم والنزق . وأحيانا يسمع ضحكة هنا وهناك ، وربما تقليد بعض الحركات التي يتوقع أن تصدر من مليحان عند دخول الواحة . قيل أن حامد اللهلوب الذي يعرف بأنه فنان القبيلة ووصاحب الأشعار الطويلة والمقامات الرنانة والعازف الماهر على الربابة ، كتب عشرة أبيات في ذلك الموقف وغناها لمشايخ القبائل ، بل وحملها لكثير من المراعي المجاورة .وقيل أنه شوهد وهو يغنيها للشيخ خماش ، شيخ مشايخ حصاة المطاعيس . الذي تأثر بها تأثرا بالغا . وقيل أن الأخير بكى بكاء مرا . عند البيتين السابع والثامن . وتذكر ابنه الذي قتل في احد الغزوات وتم تقطيعه وتوزيع أوصاله إلى كلاب الصيد!
كانت الجموع التي تنتظر قدومه ، تتوقع من مليحان تصرفات كالعادة غريبة وطائشة . لكن أحدا لم يكن يخطر له على بال إطلاقا ,. أن يرى مليحان يتقدم القطعان ، ويدخل عليهم عريانا دون أي قطعه على جسده !!
دخل على القوم وهو يسير بخطوات مليئة بالثقة والتحدي ، كان أشبه بعسكري يسير في كتيبة مقاتلة ، كانت العصا تحت ابطه الأيمن ، أما الخرقة التي يتلثم بها ، فقد لفها على رأسه وركز بين طياتها نبته رقيقة طويلة.
الذين حضروا هذا الموقف ، وشاهدوا مليحان بهذا الوضع المخجل . لم يتمكنوا من تصديق ما يحدث أمام أعينهم لولا أن مليحان عندما تقدم بخطواته الطويلة ، حتى توسط الجموع ، انطلق لسانه بصوت جهوري وقال :
(( هذا مليحان قدامكم زي ما خلقه ربي ، والليلة أبيكم تعرفون اني آدمي من لحم ودم . قلت لنفسي ياولد لا يكون ربعك يحسبونك قطعة قماش ولا بهيمة ! هاه شايفين صدري ، وسيقاني .. وهاذي بعد الكرشة ))
تقول ( شيهانه ) أنها في هذه اللحظة بالذات شعرت بغثيان فظيع . فالمنظر كان مقززا لدرجة لا يمكن وصفها .
قيل أن مليحان في تلك الليلة ألقى على الناس ، أشبه ما يكون بخطبة عصماء . وبعد أن صخب الحاضرون . وهاجوا وماجوا ، وبعد أن ألقوا عليه بعض الأحذية . وبصقوا وشتموا ، وصبوا التراب على راسه ووجهه . هدأوا قليلا ، ثم بدأ يصغون لكلماته . والغريب أن مليحان لم يكن يتوقف عن الكلام حتى في اللحظات التي يتعرض فيها للركل و الاعتداء . بل كان يقاومهم بصوته الجهوري الحاسم :
(( مليحان اليوم عريان ، وراح يبقى عريان الين يلاقي ربه ! المهم تعرفون انكم صرتم أقرب للبهايم ما يتستر عنها . لكم عيون ما تشوفون بيها ، ولكم قلوب ما تحسون فيها .. أنتم اليوم في عيوني حجاره ، كل واحد فيكم حجر .. شيخكم هزاع حجر كبير وطويل ))
ولما بدأوا يصغون أكثر ، أخذ يسير بينهم موزعا حركات يديه ، ونظرات وجهه للجميع ، كان يلقي كلماته بطريقة مؤثرة جدا ،وصوت حاد حتى أن أحدا لم يجرؤ على مقاطعته بعد ذلك ، تنحنح بقوة وسعل مرتين ثم قال :
(( مليحان يشتغل في لم الحطب .. قالوا ما ينفع ، مليحان يحلب الناقة ، قالوا ايديه وسخه وبطونا وجعانه ! .. مليحان ينام في البيت قالوا صاير حرمه وأمه توكله .. مليحان يرعى الغنم .. قالوا بضيع الحلال .. أنتم ما عندكم حكاية غير مليحان ، كل رجال تلعن ثواه حرمته بالدار يخرج يوسع صدره في الكلام عن مليحان .. كل من يدعس خشمه شيخه يتسلى في ظهر مليحان ؟ ..))
ثم مسح الزبد الذي تراكم حول شفتيه وأكمل :
(( من اليوم ورايح .. مثل ما خيستوا سيرتي بين الخلايق ، والله العظيم لخليكم تكرهون الطلعة من دياركم ، وأنزل اللي في بطني عند تجمع النسوان في السقايه .. وأصير لعنة ما تسلمون منها .. وما عندي شي أخسره .. أهم شي انتم تخسرون راحة البال ..))
عم الصمت ، وتلقى الحاضرون الكلمات الأخيرة مثل صفعات متتالية ، كان يدور في أذهانهم فكرة واحدة ، حضرت في وقت واحد . (( فعلا لو فعل مليحان ما يهدد به كيف يمكن أن تكون الحياة في مرعى الخرابيط وفي الواحة بأكملها؟؟ ))
في هذه الأثناء وصلت (( أمي وطفه )) تشق الصفوف وتسير بخطوات متثاقلة ، مستعينة بعصا غليظة . قالت وهي تدق الأرض بعصاها :
- البس هدومك ياولد .. عندي كلام . اخلص .
لكن مليحان لم يكن يثنيه عن موقفه أي شيء خصوصا أمام تجمع كهذا اللي يلتف حوله . عاد الصخب من جديد وانتشر الصراخ مرة أخرى . اضطرت أمي وطفه أن تدق الأرض بقوة أكبر وتصرخ :
- هيه .. هيه .. اسمعوا لا بارك الله فيكم .. اسمعوا يا الوذرين ..
ساد الصمت مرة أخرى وكأن لا أحد بالمكان . حينها قالت :
- اللي يظن ولدي مجنون ما بعد عرف شي .. وانتم تخلون الحجر ينطق ، والبعير يهيج .. ماتخافون الله ، قوتكم على الضعيف أما اللي يهين شواربكم ما تقولون إلا تم تم .. حسبي الله ونعم الوكيل .. ))
ثم وجهت كلامها لمليحان بنبرة حانية هادئة :
(( ياولدي يامليحان .. البس هدومك .. واذا ما بتلبسها الحين .. انا في الدار تعال في الوقت اللي تحب ..)) ثم استدارت ومضت وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة ..

تعددت الروايات حول ما حصل بعد تلك الليلة الصاخبة . فهناك من قال أن مليحان نفذ تهديده ، وبدأ بمضايقة المارة في أرجاء الواحة ، وبعد أن ضاق به الجميع ولم تفد معه كل العقوبات والجلد والتخويف ، اجتمع أعيان القبيلة ، وتداولوا وتناقشوا ، ثم قرروا أن يتم القبض عليه وتقييده وعصب عينيه ثم تحميله في إحدى القوافل المهاجرة إلى الشمال أو الجنوب .. ليقوم الحراس بعد ذلك بإنزاله عند أبعد منطقة عن واحة المريخة !
هناك من قال أن مليحان انصاع لطلب أمي وطفه ، لكنه لم يرتدي ملابسه على الفور . بل جلس ينشد طوال تلك الليلة عريانا ، ولما بزغ نور الفجر تغوط أمام من بقي من أهل المرعى ، ثم ارتدى ملابسه وعاد لدار أمي وطفه . حيث اغتسل هناك وطلب الأكل ثم التهمه بشراسه ولما فرغ منه ، قفز إلى الفراش مباشرة ونام ثلاثة أيام متواصلة . استيقظ بعدها وهو يبتسم بشده ، وطلب من أمي وطفة أن تعد عدتها للرحيل ، حيث كانت آخر المشاهدات لهم وهم يحزمون أمتعتهم وخيامهم !
أما (( سعدون البازعي )) والذي كان كثير السفر والترحال ، وبعد عودته من رحلاته الطويلة إلى بلاد ( الزيت الأسود ) – على حد وصفه – جمع أهل المرعى وبدأ يذكرهم بمليحان الذي صار صاحب ثروة كبيرة جدا هناك ، وأصبح نجما لامعا في عالم الرياضة ، وقال أنه يقود الآن احدى الفرق الرياضية ، حقق معها انتصارات عظيمة . وقال أيضا : أنه لم يستطع التحدث مع مليحان ، إذ أنه محاط بحراسات مشددة ، و بالمعجبين والمعجبات الذين يشكلون دائرة كبيرة حوله أينما سار . وقال أنه حضر إحدى الألعاب الرياضية التي برع بها ، وحين أظهر مهاراته وقدراته وتغلب على خصومه ، صفق له الجمهور تصفيقا حارا ، وهللوا باسمه .ورفعوا صوره .. حينها قام مليحان بالجري حول المضمار رافعا يديه للجمهور ، بعد أن ألقى سرواله على الأرض !!

انتهت
____________________________________



عندما رأيت زهور " الدافاديل "
في منتصف يناير
ادركت انك ابتسمت
هذا الصباح !

(( يغيب عن ذاكرتي صاحبها ))
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:29.


Powered by vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
جَميِع الحقُوق مَحفُوظه لمنتديَاتْ بُـوووح الأدبيةْ

Security byi.s.s.w

 


Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.1